responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 196
لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يَقُولُونَ: إِنَّ لِمُحَمَّدٍ تَابِعًا مِنَ الْجِنِّ يُخْبِرُهُ كَمَا يُخْبَرُ الْكَهَنَةُ، فَنَزَلَتْ
، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ، بَلْ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ:
الشَّيَاطُونَ، وَتَقَدَّمَتْ فِي الْبَقَرَةِ، وَقَدْ رَدَّهَا أَبُو حَاتِمٍ والقراءة قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هِيَ غَلَطٌ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: هُوَ غَلَطٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ الَمَهْدَوِيُّ: هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: غَلِطَ الشَّيْخُ، ظَنَّ أَنَّهَا النُّونُ الَّتِي عَلَى هَجَائِنَ. فَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: أَنَّ جَازَ أَنْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِ الْعَجَّاجِ وَرُؤْبَةَ، فَهَلَّا جَازَ أَنْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِ الْحَسَنِ وَصَاحِبِهِ، يُرِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ السَّمَيْفَعِ، مَعَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْرَآ بِهَا إِلَّا وَقَدْ سَمِعَا فِيهِ؟ وَقَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: دَخَلْتُ بَسَاتِينَ مِنْ وَرَائِهَا بَسَاتُونَ، فَقُلْتُ: مَا أَشْبَهَ هَذَا بِقِرَاءَةِ الْحَسَنِ. انْتَهَى. وَوُجِّهَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ آخِرُهُ كَآخِرِ يَبْرِينَ وَفِلَسْطِينَ، فَكَمَا أُجْرِيَ إِعْرَابُ هَذَا عَلَى النُّونِ تَارَةً وَعَلَى مَا قَبْلَهُ تَارَةً فَقَالُوا: يَبْرِينَ وَيَبْرُونَ وَفِلَسْطِينَ وَفِلَسْطُونَ أُجْرِيَ ذَلِكَ فِي الشَّيَاطِينِ تَشْبِيهًا بِهِ فَقَالُوا: الشَّيَاطِينَ وَالشَّيَاطُونَ. وَقَالَ أَبُو فَيْدٍ مُؤَرِّجٌ السَّدُوسِيُّ: إِنْ كَانَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ شَاطَ، أَيِ احْتَرَقَ، يَشِيطُ شَوْطَةً، كَانَ لِقِرَاءَتِهِمَا وَجْهٌ. قِيلَ: وَوَجْهُهَا أَنَّ بِنَاءَ الْمُبَالِغَةِ مِنْهُ شَيَّاطٌ، وَجَمْعُهُ الشَّيَّاطُونَ، فَخَفَّفَا الْيَاءَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا التَّشْدِيدُ، وَقَرَأَ بِهِ غَيْرُهُمَا. انْتَهَى. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: الشَّيَاطُونَ، كَمَا قَرَأَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ السَّمَيْفَعِ. فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ نَقَلَةِ الْقُرْآنِ، قرأوا ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ غَلِطُوا، لِأَنَّهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَنَقْلِ الْقُرْآنِ بِمَكَانٍ. وَمَا أَحْسَنَ مَا تَرَتَّبَ نَفْيُ هَذِهِ الْجُمَلِ نَفَى أَوَّلًا تَنْزِيلَ الشَّيَاطِينِ بِهِ، وَالنَّفْيُ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ، وَإِنْ كَانَ هُنَا لَا يُمْكِنُ مِنَ الشَّيَاطِينِ التَّنَزُّلُ بِالْقُرْآنِ، ثُمَّ نَفَى انْبِغَاءَ ذَلِكَ وَالصَّلَاحِيَةَ، أَيْ وَلَوْ فُرِضَ الْإِمْكَانُ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لَهُ، ثُمَّ نَفَى قُدْرَتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّهِمُ التَّنَزُّلُ بِهِ، فَارْتَقَى مِنْ نَفْيِ الْإِمْكَانِ إِلَى نَفْيِ الصَّلَاحِيَةِ إِلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ فِي نَفْيِ تَنْزِيلِهِمْ بِهِ، ثُمَّ عَلَّلَ انْتِفَاءَ ذَلِكَ عَنِ اسْتِمَاعِ كَلَامِ أَهْلِ السَّمَاءِ مَرْجُومُونَ بِالشُّهُبِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ: وَالْخِطَابُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّامِعِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمَعْنَى قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمَنْ كَفَرَ: لَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ. ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى بِإِنْذَارِ عَشِيرَتِهِ، وَالْعَشِيرَةُ تَحْتَ الْفَخِذِ وَفَوْقَ الْفَصِيلَةِ، وَنَبَّهَ عَلَى الْعَشِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِإِنْذَارِ النَّاسِ كَافَّةً. كَمَا

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست