responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 191
وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ: «جَمَلِي هَذَا أَعْجَمُ، فَلَوْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ» .
وَالْعَجَمِيُّ هُوَ الَّذِي نِسْبَتُهُ فِي الْعَجَمِ، وَإِنْ كَانَ أَفْصَحَ النَّاسِ. انْتَهَى. وَفِي التَّحْرِيرِ: الْأَعْجَمِينَ: جَمْعُ أَعْجَمَ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلَوْلَا هَذَا التَّقْدِيرُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْمَعَ جَمْعَ سَلَامَةٍ. قِيلَ: وَالْمَعْنَى وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ بِلُغَةِ الْعَجَمِ عَلَى رَجُلٍ أَعْجَمِيٍّ فَقَرَأَهُ عَلَى الْعَرَبِ، لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، حَيْثُ لَمْ يَفْهَمُوهُ، وَاسْتَنْكَفُوا مِنَ اتِّبَاعِهِ. وَقِيلَ: وَلَوْ نَزَّلْنَا الْقُرْآنَ عَلَى بَعْضِ الْعَجَمِ مِنَ الدَّوَابِّ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ، لَمْ يُؤْمِنُوا، لِعِنَادِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ [1] الْآيَةَ، وَجُمِعَ جَمْعَ السَّلَامَةِ، لِأَنَّهُ وُصِفَ بِالْإِنْزَالِ عَلَيْهِ وَالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ فِعْلُ الْعُقَلَاءِ. وَقِيلَ: وَلَوْ نَزَلَ عَلَى بَعْضِ الْبَهَائِمِ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ تُؤْمِنِ الْبَهَائِمُ، كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُمْ: كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [2] انْتَهَى.
وَلَمَّا بَيَّنَ بِمَا تَقَدَّمَ، مِنْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ فِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ، وَأَنَّ عُلَمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَكَانَ في ذلك دليلين عَلَى صِدْقِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ لَا تُجْدِي فِيهِمُ الدَّلَائِلُ. أَلَا تَرَى نُزُولَهُ عَلَى رَجُلٍ عَرَبِيٍّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ، وَسَمِعُوهُ وَفَهِمُوهُ وَأَدْرَكُوا إِعْجَازَهُ وَتَصْدِيقَ كُتُبِ اللَّهِ الْقَدِيمَةِ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ جَحَدُوا وَسَمَّوْهُ تَارَةً شِعْرًا وَتَارَةً سِحْرًا؟ وَلَوْ نَزَلَ عَلَى بَعْضِ الْأَعَاجِمِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، لَكَفَرُوا بِهِ وَتَمَحَّلُوا بِجُحُودِهِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَعْجَمِينَ جَمْعُ أَعْجَمَ أَوْ أَعْجَمِيٍّ، عَلَى حَذْفِ ياء النسب، كما قالوا:
الْأَشْعَرِينَ، وَوَاحِدُهُمْ أَشْعَرِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ: قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَوْ جَهَّزْتُ قَافِيَةً شَرُودًا ... لَقَدْ دَخَلَتْ بُيُوتَ الْأَشْعَرَيْنَا
انْتَهَى. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَابْنُ مِقْسَمٍ: الْأَعْجَمِيِّينَ، بِيَاءِ النَّسَبِ: جَمْعُ أَعْجَمِيٍّ. وَالضَّمِيرُ فِي سَلَكْناهُ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَتْ عَلَيْهِ الضَّمَائِرُ. قِيلَ: وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَقَالَهُ الرُّمَّانِيُّ. وَالْمَعْنَى: مِثْلُ ذَلِكَ السَّلْكِ، وَهُوَ الْإِدْخَالُ وَالتَّمْكِينُ وَالتَّفْهِيمُ لِمَعَانِيهِ.
سَلَكْناهُ: أَدْخَلْنَاهُ وَمَكَّنَّاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. وَالْمَعْنَى: مَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ السَّلْكِ مِنْ كَوْنِهِمْ فَهِمُوهُ وَأَدْرَكُوهُ، وَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا عِنَادًا وَجُحُودًا وَكُفْرًا بِهِ، أَيْ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذِهِ الصِّفَةِ مِنَ الْكُفْرِ بِهِ وَالتَّكْذِيبِ لَهُ، كَمَا وَضَعْنَاهُ فِيهَا. فَكَيْفَ مَا يُرَامُ إِيمَانُهُمْ بِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ؟ وَأَعْمَاهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالْجُحُودِ، كَمَا قَالَ: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ [3] الْآيَةَ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: أَدْخَلْنَاهُ فِيهَا، فَعَرَفُوا مَعَانِيَهُ، وَعَجْزَهُمْ عَنِ الْإِتْيَانِ

[1] سورة الأنعام: 6/ 110.
[2] سورة الفرقان: 25/ 44.
[3] سورة الأنعام: 6/ 7.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست