responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 188
تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَرَفْضِ مَا سِوَاهُ، وَأَنَّهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْتَرِكُونَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ قَبْلَهُ، وَتِلْكَ عَادَةُ الْأَنْبِيَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَجَاءَتِ الْأَلْفَاظُ فِي دُعَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، إِذْ كَانَ الْإِيمَانُ الْمَدْعُوُّ إِلَيْهِ مَعْنًى وَاحِدًا بِعَيْنِهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ كَرَّرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ قِصَّةٍ وَآخِرِهَا مَا كَرَّرَ؟ قُلْتُ: كُلُّ قِصَّةٍ مِنْهَا كَتَنْزِيلٍ بِرَأْسِهِ، وَفِيهَا مِنَ الِاعْتِبَارِ مِثْلُ مَا فِي غَيْرِهَا. فَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تُدْلِي بِحَقٍّ، إِلَى أَنْ يفتتح بِمِثْلِ مَا افْتُتِحَتْ بِهِ صَاحِبَتُهَا، وَأَنْ تُخْتَتَمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِمَّا اخْتُتِمَتْ بِهِ. وَلِأَنَّ التَّكْرِيرَ تَقْرِيرٌ لِلْمَعَانِي فِي النُّفُوسِ، وَتَثْبِيتٌ لَهَا فِي الصُّدُورِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْقَصَصَ طُرِقَتْ بِهَذَا آذَانٌ، وقرعن الْإِنْصَاتِ لِلْحَقِّ، وَقُلُوبٌ غُلْفٌ عَنْ تَدَبُّرِهِ، فَأُوثِرَتْ بِالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، وَرُوجِعَتْ بِالتَّرْدِيدِ وَالتَّكْرِيرِ.
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ، أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ، وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ، كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ، لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ، فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ، أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جاءَهُمْ مَا كانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يُمَتَّعُونَ، وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ، ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ.
الضَّمِيرُ فِي: وَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، أَيْ إِنَّهُ لَيْسَ بِكَهَانَةٍ وَلَا سِحْرٍ، بَلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَكَأَنَّهُ عَادَ أَيْضًا إِلَى مَا افْتَتَحَ بِهِ السُّورَةَ مِنْ إِعْرَاضِ الْمُشْرِكِينَ عَمَّا يَأْتِيهِمْ مِنَ الذِّكْرِ، لِيَتَنَاسَبَ الْمُفْتَتَحُ وَالْمُخْتَتَمُ. وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ، وَأَبُو عَمْرٍو، وحفص: نَزَلَ مخففا، والرُّوحُ الْأَمِينُ: مَرْفُوعَانِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِالتَّشْدِيدِ وَنَصْبِهِمَا. وَالرُّوحُ هُنَا:
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ لِمَ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الرُّوحُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فِي مَوْضِعِ الْحَالِ كَقَوْلِهِ: وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ [1] . انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ عَلى قَلْبِكَ ولِتَكُونَ بنزل، وَخَصَّ الْقَلْبَ وَالْمَعْنَى عَلَيْكَ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوَعْيِ وَالتَّثْبِيتِ، وَلِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُنَزَّلَ عَلَى قَلْبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَحْفُوظٌ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّبْدِيلُ وَلَا التَّغْيِيرُ، وَلِيَكُونَ عِلَّةً فِي التَّنْزِيلِ أَوِ النُّزُولِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ أَزْجَرُ لِلسَّامِعِ، وَإِنْ كَانَ القرآن نزل

[1] سورة المائدة: 5/ 61.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست