responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 183
رَبَّكَ النَّاقَةَ، فَفَعَلَ فَخَرَجَتِ النَّاقَةُ وَبَرَكَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَنُتِجَتْ سَقْبًا مِثْلَهَا فِي الْعِظَمِ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْأَعْرَافِ طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ ثَمُودَ وَالنَّاقَةِ، وَالشِّرْبُ النَّصِيبُ الْمَشْرُوبُ مِنَ الْمَاءِ نَحْوُ السَّقْيِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: شُرْبٌ، بِضَمِّ الشِّينِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ هَذَا الْعَذَابِ أَنَّهُ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَا وَقَعَ ووصف بِالْعِظَمِ لِحُلُولِ الْعَذَابِ فِيهِ، وَوَصْفُهُ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ وَصْفِ الْعَذَابِ بِهِ، لِأَنَّ الْوَقْتَ إِذَا عَظُمَ بِسَبَبِ الْعَذَابِ، كَانَ مَوْقِعُ الْعَذَابِ مِنَ الْعِظَمِ أَشَدَّ. وَنُسِبَ الْعَقْرُ إِلَى جَمِيعِهِمْ، لِكَوْنِهِمْ رَاضِينَ بِذَلِكَ، حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُمُ اسْتَرْضَوُا الْمَرْأَةَ فِي خِدْرِهَا وَالصِّبْيَانَ، فَرَضُوا جَمِيعًا.
فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ، لَا نَدَمَ تَوْبَةٍ، بَلْ نَدَمَ خَوْفٍ أَنْ يَحِلَّ بِهِمُ الْعَذَابُ عَاجِلًا، وَذَلِكَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّوْبَةِ. أَصْبَحُوا وَقَدْ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ حَسْبَمَا كَانَ أَخْبَرَهُمْ بِهِ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ الْعَذَابُ صَيْحَةً خَمَدَتْ لَهَا أَبْدَانُهُمْ، وَانْشَقَّتْ قُلُوبُهُمْ، وَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَصُبَّ عَلَيْهِمْ حِجَارَةٌ خِلَالَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: كَانَتْ نَدَامَتُهُمْ عَلَى تَرْكِ عَقْرِ الْوَلَدِ، وَهُوَ قول بعيد. وأل فِي: فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ لِلْعَهْدِ فِي الْعَذَابِ السَّابِقِ، عَذَابُ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ.
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ، أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ، قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ، قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ، رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ، فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ، ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.
أَتَأْتُونَ: اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَتَقْرِيعٍ وَتَوْبِيخٍ والذُّكْرانَ: جَمْعُ ذَكَرٍ، مُقَابِلُ الْأُنْثَى.
وَالْإِتْيَانُ: كِنَايَةٌ عَنْ وَطْءِ الرِّجَالِ، وَقَدْ سَمَّاهُ تَعَالَى بِالْفَاحِشَةِ فَقَالَ: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ [1] ، هُوَ مَخْصُوصٌ بِذُكْرَانِ بَنِي آدَمَ. وَقِيلَ: مَخْصُوصٌ بِالْغُرَبَاءِ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ: ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِمْ لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ، إِمَّا الْبَتَّةَ، وَإِمَّا غَلَبَةً. مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ: يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِشَرْطِهَا. مِنْ أَزْواجِكُمْ: أَيْ مِنَ الإناث. ومن إما

[1] سورة الأعراف: 7/ 80.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست