responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 162
يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ، رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ، وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ، وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ، فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ، قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ، تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ، وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ، فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.
لَمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ لَهَا خُصُوصِيَّةٌ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْلُوَ عَلَيْهِمْ قَصَصَهُ، وَمَا جَرَى لَهُ مَعَ قَوْمِهِ. وَلَمْ يَأْتِ فِي قِصَّةٍ مِنْ قَصَصِ هَذِهِ السُّورَةِ أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتِلَاوَةِ قِصَّةٍ إِلَّا فِي هَذِهِ، وَإِذِ: الْعَامِلُ فِيهِ. قَالَ الْحَوْفَيُّ: اتْلُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مَا قَالَ إِلَّا بِإِخْرَاجِهِ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ وَجَعْلِهِ بَدَلًا مِنْ نَبَأَ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ وَاحِدٌ.
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الْعَامِلُ فِي إِذْ نَبَأَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَقَوْمِهِ عَائِدٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
وَقِيلَ: عَلَى أَبِيهِ، أَيْ وَقَوْمِ أَبِيهِ، كَمَا قَالَ: إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [1] . وَمَا:
اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى التَّحْقِيرِ وَالتَّقْرِيرِ. وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ عَبَدَةُ أَصْنَامٍ، وَلَكِنْ سَأَلَهُمْ لِيُرِيَهُمْ أَنَّ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا لِلْعِبَادَةِ، لِمَا تَرَتَّبَ عَلَى جَوَابِهِمْ مِنْ أَوْصَافِ مَعْبُودَاتِهِمُ الَّتِي هِيَ مُنَافِيَةٌ لِلْعِبَادَةِ. وَلِمَا سَأَلَهُمْ عَنِ الَّذِي يَعْبُدُونَهُ، وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى ذِكْرِهِ فَقَطْ، بَلْ أَجَابُوا بِالْفِعْلِ وَمُتَعَلِّقِهِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنَ تَمَامِ صِفَتِهِمْ مَعَ مَعْبُودِهِمْ، فَقَالُوا: نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ: عَلَى سَبِيلِ الِابْتِهَاجِ وَالِافْتِخَارِ، فَأَتَوْا بِقِصَّتِهِمْ مَعَهُمْ كَامِلَةً، وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى أَنْ يُجِيبُوا بِقَوْلِهِمْ: أَصْنَامًا، كَمَا جَاءَ: مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [2] ، وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [3] ، وَلِذَلِكَ عَطَفُوا عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ قَوْلَهُمْ: فَنَظَلُّ. قَالَ: كَمَا تَقُولُ لِرَئِيسٍ: مَا تَلْبَسُ؟ فَقَالَ: أَلْبَسُ مُطْرَفَ الْخَزِّ فَأَجُرُّ ذُيُولَهُ، يُرِيدُ الْجَوَابَ: وَحَالُهُ مَعَ مَلْبُوسِهِ. وقالوا: فنظل، لأنهم كانو يَعْبُدُونَهُمْ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ. وَلَمَّا أَجَابُوا إِبْرَاهِيمَ، أَخَذَ يُوقِفَهُمْ عَلَى قِلَّةِ عُقُولِهِمْ، بِاسْتِفْهَامِهِ عَنْ أَوْصَافٍ مَسْلُوبَةٍ عَنْهُمْ لَا يَكُونُ ثُبُوتُهَا إلا لله تعالى.

[1] سورة الأنعام: 6/ 74.
[2] سورة النحل: 16/ 30.
[3] سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 2/ 219.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست