responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 145
مُوسَى وَهَارُونُ وَمَنْ أُرْسِلَا إِلَيْهِ. وَكَانَ شَيْخُنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُرَجِّحُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِصُورَةِ الْجَمْعِ الْمُثَنَّى، وَالْخِطَابُ لِمُوسَى وَهَارُونَ فَقَطْ، قَالَ: لِأَنَّ لَفْظَهُ مَعَ تَبَايُنِ مَنْ يَكُونُ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ اللَّهُ مَعَهُ. وَعَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْجَمْعِ التَّثْنِيَةُ، حَمَلَهُ سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَأَنَّهُمَا لِشَرَفِهِمَا عِنْدَ اللَّهِ، عَامَلَهُمَا فِي الْخِطَابِ مُعَامَلَةَ الْجَمْعِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَنْ يُعَامَلَ بِهِ الْوَاحِدُ لِشَرَفِهِ وَعَظَمَتِهِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مُسْتَمِعُونَ اهْتِبَالًا، لَيْسَ فِي صِيغَةِ سَامِعُونَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَبِ الِاسْتِمَاعِ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ إِظْهَارُ التَّهَمُّمِ لِيَعْظُمَ أُنْسُ مُوسَى، أَوْ يَكُونُ الْمَلَائِكَةُ بِأَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهَا تَسْتَمِعُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ مِنْ مَجَازِ الْكَلَامِ، يُرِيدُ أَنَا لَكُمَا ولعدو كما كَالنَّاصِرِ الظَّهِيرِ لَكُمَا عَلَيْهِ إِذَا حَضَرَ وَاسْتَمَعَ مَا يَجْرِي بَيْنَكُمَا وَبَيْنَهُ، فَأَظْهَرَكُمَا وَغَلَّبَكُمَا وَكَسَرَ شَوْكَتَهُ عَنْكُمَا وَنَكَّسَهُ. انْتَهَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ معه متعلقا بمستمعون، وأن يكون خبرا، ومستمعون خَبَرٌ ثَانٍ. وَالْمَعِيَّةُ هُنَا مَجَازٌ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِمَاعُ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِصْغَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِمَاعِ السَّمَاعُ، تَقُولُ: أَسْمَعَ إِلَيْهِ، فَمَا سَمِعَ وَاسْتَمَعَ إِلَيْهِ، فَسَمِعَ كَمَا قَالَ: اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا [1] ، وَأَفْرَدَ رَسُولَ هُنَا وَلَمْ يُثَنِّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ [2] ، إِمَّا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ، فَجَازَ أَنْ يَقَعَ مُفْرَدًا خَبَرَ الْمُفْرِدِ فَمَا فَوْقَهُ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِمَا ذَوِي شَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَأَنَّهُمَا رَسُولٌ وَاحِدٌ. وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ: أَنَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَسُولٌ.
وسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
فِيهِ رَدٌّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَرْبُوبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، بَادَهَهُ بِنَقْضِ مَا كَانَ أَبْرَمَهُ مِنَ ادِّعَاءِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ فَقَالَ: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ وَالْمَعْنَى إِلَيْكَ، وأَنْ أَرْسِلْ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً لِمَا فِي رَسُولٍ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ، وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَأَرْسَلَ بِمَعْنَى أَطْلَقَ وَسَرَّحَ، كَمَا تَقُولُ: أَرْسَلْتُ الْحَجَرَ مِنْ يَدِي، وَأَرْسَلْتُ الصَّقْرَ. وَكَانَ مُوسَى مَبْعُوثًا إِلَى فِرْعَوْنَ فِي أَمْرَيْنِ: إِرْسَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِيَزُولَ عَنْهُمُ الْعُبُودِيَّةُ، وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبُعِثَ بِالْعِبَادَاتِ وَالشَّرْعِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَإِرْسَالُهُمْ مَعَهُمَا كَانَ إِلَى فِلَسْطِينَ، وَكَانَتْ مَسْكَنَ مُوسَى وَهَارُونَ.
قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ، قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي

[1] سورة الجن: 72/ 1.
[2] سورة طه: 20/ 47.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست