responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 128
وَيَوْمُ الْيَسَارِ وَيَوْمُ الْجِفَارِ ... كَانَا عَذَابًا وَكَانَا غَرَامَا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِنْ يُعَاقِبْ يَكُنْ غَرَامًا ... وَإِنْ يُعْطِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي
وَصَفَهُمْ بِإِحْيَاءِ اللَّيْلِ سَاجِدِينَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِذِكْرِ دُعَائِهِمْ هَذَا إِيذَانًا بِأَنَّهُمْ مَعَ اجْتِهَادِهِمْ خَائِفُونَ يَبْتَهِلُونَ إِلَى اللَّهِ فِي صَرْفِ الْعَذَابِ عنهم. وساءَتْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى بِئْسَتْ.
وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ وَفِي ساءَتْ ضَمِيرٌ مُبْهَمٌ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً تمييز. وَالتَّقْدِيرُ ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً هِيَ وَهَذَا الْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ هُوَ رَابِطُ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا لِأَنَّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ساءَتْ بِمَعْنَى أَحْزَنَتْ فَيَكُونُ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا أَيْ سَاءَتْهُمْ. وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ جَهَنَّمَ وَجَازَ فِي مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً أَنْ يَكُونَا تَمْيِيزَيْنِ وَأَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ قَدْ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. وَالظَّاهِرُ أَنِ التَّعْلِيلَيْنِ غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ ذَكَرَ أَوَّلًا لُزُومَ عَذَابِهَا، وَثَانِيًا مَسَاءَةَ مَكَانِهَا وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الْعَذَابِ فِي مكان دم ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَقِيلَ: هُمَا مُتَرَادِفَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الدَّاعِينَ وَحِكَايَةٌ لِقَوْلِهِمْ. وَقِيلَ:
هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمُقاماً مَعْطُوفٌ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ وَالْإِقَامَةَ كَأَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ لِلْعُصَاةِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَقِرُّونَ فِيهَا وَلَا يُقِيمُونَ، وَالْإِقَامَةُ لِلْكُفَّارِ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ وَمُقاماً بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَكَانَ قِيَامٍ، وَالْجُمْهُورُ بِالضَّمِّ أَيْ مَكَانَ إِقَامَةٍ.
لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجِيلِيُّ: الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ إِسْرَافٌ، وَالْإِمْسَاكُ عَنْ طَاعَةٍ إِقْتَارٌ. وَقَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ. وَسَمِعَ رَجُلٌ رَجُلًا يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الْإِسْرَافِ فَقَالَ: لَا إِسْرَافَ فِي الْخَيْرِ. وَقَالَ عَوْنُ بن عبد الله بن عُتْبَةَ: الْإِسْرَافُ أَنْ تُنْفِقَ مَالَ غَيْرِكَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يُجِيعُ وَلَا يُعَرِّي وَلَا يُنْفِقُ نَفَقَةً يَقُولُ: النَّاسُ قَدْ أَسْرَفَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ لِلْجَمَالِ وَلَا يَأْكُلُونَ طَعَامًا لِلَّذَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ: مَا نَفَقَتُكَ؟ قَالَ لَهُ عُمَرُ: الْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ. ثُمَّ تَلَا الْآيَةَ. وَالْإِسْرَافُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي النَّفَقَةِ وَالْقَتْرُ التَّضْيِيقُ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْإِسْرَافِ.
وَعَنْ أَنَسٍ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ مَا اشْتَهَيْتَهُ» .
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا تَغْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَاقْتَصِدْ ... كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الْأُمُورِ ذَمِيمُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست