responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 124
لَمَّا جَعَلَتْ قُرَيْشٌ سُؤَالَهَا عَنِ اسْمِهِ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَنُ سُؤَالًا عَنْ مَجْهُولٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُصَرِّحَةً بِصِفَاتِهِ الَّتِي تُعَرِّفُ بِهِ وَتُوجِبُ الْإِقْرَارَ بِأُلُوهِيَّتِهِ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالرَّحْمَنِ، وَسَأَلُوا هُمْ فِيهِ عَمَّا وَضَعَ فِي السَّمَاءِ مِنَ النَّيِّرَاتِ وَمَا صَرَّفَ مِنْ حَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَبَادَرُوا بِالسُّجُودِ وَالْعِبَادَةِ لِلرَّحْمَنِ، ثُمَّ نَبَّهَهُمْ عَلَى مَا لَهُمْ بِهِ اعْتِنَاءٌ تَامٌّ مِنْ رَصْدِ الْكَوَاكِبِ وَأَحْوَالِهَا وَوَضْعِ أَسْمَاءٍ لَهَا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُرُوجِ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهِيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ وَهِيَ الْحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْقَوْسُ، وَالْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشَبَهِهَا بِمَا شُبِّهَتْ بِهِ. وَسُمِّيَتْ بِالْبُرُوجِ الَّتِي هِيَ الْقُصُورُ الْعَالِيَةُ لِأَنَّهَا لِهَذِهِ الْكَوَاكِبِ كَالْمَنَازِلِ لِسُكَّانِهَا وَاشْتِقَاقُ الْبُرْجِ مِنَ التَّبَرُّجِ لِظُهُورِهِ.
وَقِيلَ: الْبُرُوجُ هُنَا الْقُصُورُ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الْأَعْمَشُ. وَكَانَ أَصْحَابُ عبد الله يقرؤونها فِي السَّماءِ قُصُورًا. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: الْبُرُوجُ هُنَا الْكَوَاكِبُ الْعِظَامُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا قُصُورٌ فِي الْجَنَّةِ تَحُطُّ مِنْ غَرَضِ الْآيَةِ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُدْرَكَاتٍ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَى كُلِّ مُنْكِرٍ لِلَّهِ أَوْ جَاهِلٍ. وَالضَّمِيرُ فِي فِيها الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى السَّماءِ.
وَقِيلَ: عَلَى الْبُرُوجِ، فَالْمَعْنَى وَجَعَلَ فِي جُمْلَتِهَا سِراجاً. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ سِراجاً عَلَى الْإِفْرَادِ وَهُوَ الشَّمْسُ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَعْمَشُ وَالْأَخَوَانِ سُرُجًا بِالْجَمْعِ مَضْمُومَ الرَّاءِ وَهُوَ يَجْمَعُ الْأَنْوَارَ، فَيَكُونُ خَصَّ الْقَمَرَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ أَيْضًا وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ وَثَّابٍ كَذَلِكَ بِسُكُونِ الرَّاءِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ وَالنَّخَعِيُّ وَعِصْمَةُ عَنْ عاصم وَقَمَراً بضم إلقاء وَسُكُونِ الْمِيمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لُغَةٌ فِي الْقَمَرِ كَالرُّشْدِ وَالرَّشَدِ وَالْعُرْبِ وَالْعَرَبِ. وَقِيلَ: جَمَعُ قَمْرَاءَ أَيْ لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَذَا قَمَرٍ مُنِيرٍ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ تَكُونُ قَمْرَاءَ بِالْقَمَرِ، فَأَضَافَهُ إِلَيْهَا وَنَظِيرُهُ فِي بَقَاءِ حُكْمِ الْمُضَافِ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقِيَامِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ قَوْلُ حَسَّانَ:
بَرَدَى يُصَفِّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ يُرِيدُ مَاءَ بَرَدَى. فَمُنِيرًا وَصْفٌ لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ كَمَا قَالَ يُصَفِّقُ بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ، وَلَوْ لَمْ يُرَاعِ الْمُضَافَ لَقَالَ: تُصَفِّقُ بِالتَّاءِ وَقَالَ مُنِيراً أَيْ مُضِيئًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ سِراجاً كَالشَّمْسِ لِأَنَّهُ لَا تَوَقُّدَ لَهُ.
وَانْتَصَبَ خِلْفَةً عَلَى الْحَالِ. فَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرُ خَلَفَ خِلْفَةً. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ هَيْئَةٍ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست