responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 74
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَمَّا ذَكَرَ مَأْوَى الْكُفَّارِ، ذَكَرَ مَأْوَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ، اعْتِنَاءً بِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى إِدْخَالَهُمُ الْجَنَّةَ وَتَشْرِيفًا لَهُمْ. وَقُرِئَ: سَيُدْخِلُهُمْ بِالْيَاءِ. وَلَمَّا رَتَّبَ تَعَالَى مَصِيرَ مَنْ كَانَ تَابِعًا لِإِبْلِيسَ إِلَى النَّارِ لِإِشْرَاكِهِ وَكُفْرِهِ وَتَغْيِيرِ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، رَتَّبَ هُنَا دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ وَعَمِلَ الصَّالِحَاتِ.
وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ وَعْدَ الشَّيْطَانِ هُوَ غُرُورٌ بَاطِلٌ، ذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْوَعْدَ مِنْهُ تَعَالَى هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا ارْتِيَابَ فِيهِ، وَلَا شَكَّ فِي إِنْجَازِهِ. وَالَّذِينَ مُبْتَدَأٌ، وَسَيُدْخِلُهُمُ الْخَبَرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ أَيْ: وَسَنُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا سَنُدْخِلُهُمْ. وَانْتَصَبَ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لغيره، فوعد الله مؤكدا لِقَوْلِهِ: سَيُدْخِلُهُمْ، وَحَقًّا مُؤَكِّدٌ لِوَعْدِ اللَّهِ.
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا الْقِيلُ وَالْقَوْلُ وَاحِدٌ، أَيْ: لَا أَحَدَ أَصْدَقُ قَوْلًا مِنَ اللَّهِ.
وَهِيَ جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ أَيْضًا لِمَا قَبْلَهَا. وَفَائِدَةُ هَذِهِ التَّوَاكِيدِ الْمُبَالَغَةُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، بِخِلَافِ مَوَاعِيدِ الشَّيْطَانِ وأمانيه الْكَاذِبَةِ الْمُخَلِّفَةِ لِأَمَانِيهِ.
لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ: الْخِطَابُ لِلْأُمَّةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: اخْتَلَفُوا مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالُوا: دِينُنَا أَقْدَمُ مِنْ دِينِكُمْ. وَأَفْضَلُ، فَنَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ. وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: كِتَابُنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُبِ، وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْمُحَاوَرَةِ فَنَزَلَتْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ: الْخِطَابُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَنْ نُبْعَثَ وَلَنْ نُعَذَّبَ، وَإِنَّمَا هِيَ حَيَاتُنَا لَنَا فِيهَا النَّعِيمُ، ثُمَّ لَا عَذَابَ. وَقَالَتِ الْيَهُودُ: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. إِلَى نَحْوِ هَذَا مِنَ الْأَقْوَالِ كَقَوْلِهِمْ:
لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [1] فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْفَرِيقَيْنِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي لَيْسَ: ضَمِيرُ وَعْدِ اللَّهِ، أَيْ: لَيْسَ يُنَالُ مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَنَّى وَعْدَ اللَّهِ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ أَهْلَ الْكِتَابِ مَعَهُمْ لِمُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْإِيمَانِ. وَعَنِ الْحَسَنِ: لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ. إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أماني المغفرة

[1] سورة البقرة: 2/ 111.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست