responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 654
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ أَيْ لَا يَفُوزُونَ قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَا يَبْقَوْنَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَسْعَدُ مَنْ كَفَرَ نِعْمَتِي. وَقِيلَ: لَا يَأْمَنُونَ وَلَا يَنْجُونَ مِنَ الْعَذَابِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ هُمُ الظَّالِمُونَ الَّذِينَ لَا يُفْلِحُونَ، وَفِي قَوْلِهِ: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ تَرْدِيدٌ بَيْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا التَّهْدِيدَ وَالْوَعِيدَ مُخْتَصٌّ بِهِمْ وَأَنَّ عَاقِبَةَ الدَّارِ الْحُسْنَى هِيَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَكِنَّهُ أُجْرِيَ مُجْرَى قَوْلِهِ: فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ. وَقَوْلُهُ:
فَأَيِّي مَا وَأَيُّكَ كَانَ شَرًّا ... فَسِيقَ إِلَى الْمَقَادَةِ فِي هَوَانِ
وَقَدْ عُلِمَ مَا هُوَ شَرٌّ وَمَا هُوَ خَيْرٌ وَلَكِنَّهُ أُبْرِزَ فِي صُورَةِ التَّرْدِيدِ إِظْهَارًا لِصُورَةِ الْإِنْصَافِ وَرَمْيًا بِالْكَلَامِ عَلَى جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ اتِّكَالًا عَلَى فَهْمِ الْمَعْنَى. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ مَنْ يَكُونُ بِالْيَاءِ عَلَى التَّذْكِيرِ وَكَذَا فِي الْقَصَصِ.
وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مِنْ غَلَّاتِهَا وَزُرُوعِهَا وَأَثْمَارِهَا وَأَنْعَامِهَا جُزْءًا تُسَمِّيهِ لِلَّهِ وَجُزْءًا تُسَمِّيهِ لِأَصْنَامِهَا وَكَانَتْ عَادَتُهَا تُبَالِغُ وَتَجْتَهِدُ فِي إِخْرَاجِ نَصِيبِ الْأَصْنَامِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي نَصِيبِ اللَّهِ، إِذْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْأَصْنَامَ بِهَا فَقْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاللَّهِ فَكَانُوا إِذَا جَمَعُوا الزَّرْعَ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَحَمَلَتْ مِنَ الَّذِي لِلَّهِ إِلَى الَّذِي لِشُرَكَائِهِمْ تَرَكُوهُ وَلَمْ يَرُدُّوهُ إِلَى نَصِيبِ اللَّهِ وَيَفْعَلُونَ عَكْسَ هَذَا، وَإِذَا تَفَجَّرَ مِنْ سَقْيِ مَا جَعَلُوهُ لِلَّهِ فِي نَصِيبِ شُرَكَائِهِمْ تَرَكُوهُ وَبِالْعَكْسِ سَدُّوهُ وَإِذَا لَمْ يَنْجَحُ شَيْءٌ مِنْ نَصِيبِ آلِهَتِهِمْ جَعَلُوا نَصِيبَ اللَّهِ لَهَا، وَكَذَا فِي الْأَنْعَامِ. وَإِذَا أَجْدَبُوا أَكَلُوا نَصِيبَ اللَّهِ وَتَرَكُوا نَصِيبَهَا لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى قُبْحَ طَرِيقَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ ذَكَرَ أَنْوَاعًا مِنْ جَهَالَاتِهِمْ تَنْبِيهًا عَلَى ضَعْفِ عُقُولِهِمْ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِمَّا ذَرَأَ أَنَّهُ تَعَالَى كَانَ أَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ الْأَحْسَنُ وَالْأَجْوَدُ وَأَنْ يَكُونَ جَانِبُهُ تَعَالَى هُوَ الْأَرْجَحَ، إِذْ كَانَ تَعَالَى هُوَ الْمُوجِدَ لِمَا جَعَلُوا لَهُ مِنْهُ نَصِيبًا وَالْقَادِرُ عَلَى تَنْمِيَتِهِ دُونَ أَصْنَامِهِمُ الْعَاجِزَةِ عَنْ مَا يَحِلُّ بِهَا فَضْلًا عَنْ أَنْ تَخْلُقَ شَيْئًا أَوْ تُنَمِّيَهُ وَفِي قَوْلِهِ مِمَّا بِمِنِ التَّبْعِيضِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ وَهُوَ مَا بَقِيَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ النَّصِيبَيْنِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ دَلَّ عَلَيْهِ التَّقْسِيمُ أَيْ وَنَصِيبًا لِشُرَكائِهِمْ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِمْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا والْحَرْثِ قِيلَ هُنَا: الزَّرْعُ. وَقِيلَ: الزَّرْعُ وَالْأَشْجَارُ وَمَا يَكُونُ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْأَنْعامِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ يَتَقَرَّبُونَ بِذَبْحِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْوَصِيلَةُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 654
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست