responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 651
هُوَ فِي دَرَجَةٍ فَيَتَرَقَّى إِلَى أُخْرَى كَامِلَةٍ ثُمَّ إِلَى أَكْمَلَ، وَالظَّاهِرُ انْدِرَاجُ الْجِنِّ فِي الْعُمُومِ فِي الْجَزَاءِ كَمَا انْدَرَجُوا فِي التَّكْلِيفِ وَفِي إِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مُؤْمِنُو الْجِنِّ فِي الْجَنَّةِ كَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ. وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا النَّارَ يُقَالُ لَهُمْ كُونُوا تُرَابًا فَيَصِيرُونَ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَزَاءُ مُؤْمِنِي الْجِنِّ إِجَارَتُهُمْ مِنَ النَّارِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ لِأَنَّ الثَّوَابَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ فَلَا يُقَالُ بِهِ لَهُمْ إِلَّا بِبَيَانٍ مِنَ اللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ إِلَّا عُقُوبَةَ عَاصِيهِمْ لَا ثَوَابَ طَائِعِهِمْ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا: لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى الطَّاعَاتِ وَعِقَابٌ عَلَى الْمَعَاصِي وَدَلِيلُهُمَا عُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقِيلَ: وَلِكُلٍّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً. وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ: وَلِكُلٍّ مِنَ الْكُفَّارِ خَاصَّةً دَرَجَاتٌ دِرْكَاتٌ وَمَرَاتِبُ مِنَ الْعِقَابِ مِمَّا عَمِلُوا مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، لِأَنَّهُ جَاءَ عَقِيبَ خِطَابِ الْكُفَّارِ فَيَكُونُ رَاجِعًا عَلَيْهِمْ.
وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ أَيْ لَيْسَ بِسَاهٍ بِخَفِيٍّ عَلَيْهِ مَقَادِيرُ الْأَعْمَالِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْأُجُورِ وَفِي ذَلِكَ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: تَعْمَلُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ.
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَنْ أَطَاعَ وَمَنْ عَصَى وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ ذَكَرَ أَنَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ لَا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ وَلَا تَضُرُّهُ الْمَعْصِيَةُ، وَمَعَ كَوْنِهِ غَنِيًّا هُوَ ذُو الرَّحْمَةِ أَيِ التَّفَضُّلِ التَّامِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُو الرَّحْمَةِ بِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ. وَقِيلَ:
بِكُلِّ خَلْقِهِ وَمِنْ رَحْمَتِهِ تَأْخِيرُ الِانْتِقَامِ مِنَ الْعُصَاةِ. وَقِيلَ: ذُو الرَّحْمَةِ جَاعِلُ نَفْعِ الْخَلَائِقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ذُو الرَّحْمَةِ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِمْ بِالتَّكْلِيفِ لِيُعَرِّضَهُمْ لِلْمَنَافِعِ الدَّائِمَةِ.
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ هَذَا فِيهِ إِظْهَارُ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ وَالْغِنَى الْمُطْلَقِ وَالْخِطَابُ عَامٌّ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ، كَمَا قَالَ: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ فَالْمَعْنَى إِنْ يَشَأْ إِفْنَاءَ هَذَا الْعَالَمِ وَاسْتِخْلَافَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَلْقِ غَيْرَهِمْ فَعَلَ، وَالْإِذْهَابَ هُنَا الْإِهْلَاكُ إِهْلَاكُ الِاسْتِئْصَالٍ لَا الْإِمَاتَةُ نَاسًا بَعْدَ نَاسٍ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فَلَا يُعَلَّقُ الْوَاقِعُ عَلَى إِنْ يَشَأْ. وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَعْنِي الْأَنْصَارَ وَالتَّابِعِينَ. وَقِيلَ: يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا الْعُصَاةُ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشاءُ مِنَ النَّوْعِ الطَّائِعِ وكَما أَنْشَأَكُمْ فِي مَوْضِعِ مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ الصَّدْرِ لِقَوْلِهِ: وَيَسْتَخْلِفْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَيُنْشِئْ وَالْمَعْنَى إِنْ يَشَأِ الْإِذْهَابَ وَالِاسْتِخْلَافَ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ فَكُلٌّ مِنَ الْإِذْهَابِ وَالِاسْتِخْلَافِ مَعْذُوقٌ بمشيئته ومِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لِلتَّبْعِيضِ. وَقَالَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 651
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست