responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 648
رُسُلًا لَهُمْ. فَقِيلَ: بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا وَاحِدًا مِنَ الْجِنِّ إِلَيْهِمُ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَقِيلَ: رُسُلُ الْجِنِّ هُمْ رُسُلُ الْإِنْسِ فَهُمْ رُسُلُ اللَّهِ بِوَاسِطَةٍ إِذْ هُمْ رُسُلُ رُسُلِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [1] قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ.
وَرُوِيَ أَنْ قَوْمًا مِنَ الْجِنِّ اسْتَمَعُوا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ عَادُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَأَخْبَرُوهُمْ كَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ الرَّسُولِ، فَيُقَالُ لَهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلَهُ حَقِيقَةً
وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ الضَّمِيرُ عائدا علىْ جِنِّ وَالْإِنْسِ
وَقَدْ تَعَلَّقَ قَوْمٌ بِهَذَا الظَّاهِرِ فَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَى الْجِنِّ رُسُلًا مِنْهُمْ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مُكَلَّفِينَ وَمُكَلَّفِينَ أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ مِنْ جِنْسِهِمْ لِأَنَّهُمْ بِهِ آنَسُ وَآلَفُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ: وَالرُّسُلُ مِنَ الْإِنْسِ دُونَ الْجِنِّ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ النِّدَاءُ لَهُمَا وَالتَّوْبِيخُ مَعًا جَرَى الْخِطَابُ عَلَيْهِمَا عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ الْمَعْهُودُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَغْلِيبًا لِلْإِنْسِ لِشَرَفِهِمْ، وَتَأَوَّلَهُ الْفَرَّاءُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ من أَحَدِكُمْ كَقَوْلِهِ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [2] أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمِلْحُ وَكَقَوْلِهِ: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [3] أَيْ فِي إِحْدَاهُنَّ وَهِيَ سَمَاءُ الدُّنْيَا وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ [4] أَرَادَ بِالذِّكْرِ التَّكْبِيرَ وَبِالْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرَ أَيْ فِي أَحَدِ أَيَّامٍ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ الرُّسُلُ يُبْعَثُونَ إِلَى الْإِنْسِ وَبُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ. وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْنَى قَصَصِ الْآيَاتِ الْإِخْبَارُ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِمْ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحَجِّ وَالتَّعْرِيفِ بِأَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ وَالِامْتِثَالِ لِأَوَامِرِهِ وَالِاجْتِنَابِ بِمَنَاهِيهِ، وَالْإِنْذَارُ الْإِعْلَامُ بالمخوف وقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْإِنْذَارُ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالْمَخَاوِفِ وَصَيْرُورَةُ الْكُفَّارِ الْمُكَذِّبِينَ إِلَى الْعَذَابِ الْأَبَدِيِّ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ أَلَمْ تَأْتِكُمْ عَلَى تَأْنِيثِ لفظ الرسل بالتاء.
لُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ حِكَايَةٌ لِتَصْدِيقِهِمْ وإلجائهم قوله: لَمْ يَأْتِكُمْ
لِأَنَّ الْهَمْزَةَ الدَّاخِلَةَ عَلَى نَفْيِ إِتْيَانِ الرُّسُلِ لِلْإِنْكَارِ فَكَانَ تَقْرِيرًا لَهُمْ وَالْمَعْنَى قَالُوا:
شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا بِإِتْيَانِ الرُّسُلِ إِلَيْنَا وَإِنْذَارِهِمْ إِيَّانَا هَذَا الْيَوْمَ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ نَابَتْ مَنَابَ بَلَى هُنَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَا فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا: بَلَى أَقَرُّوا بِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ لَازِمَةٌ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ مَحْجُوجُونَ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَوْلُهُ: هِدْنا
إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ وَاعْتِرَافٌ أي هِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
بالتقصير

[1] سورة الأحقاف: 46/ 29.
[2] سورة الرحمن: 55/ 22.
[3] سورة نوح: 71/ 16.
[4] سورة الحج: 22/ 28.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 648
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست