responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 624
بَلْ هَذِهِ سُنَّةُ مَنْ قبلك من الأنبياء. وعدو كَمَا قُلْنَا قَبْلُ فِي مَعْنَى أَعْدَاءٍ. وَقَالَ تَعَالَى: وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [1] . وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذ أَنَا لَمْ أَنْفَعْ صَدِيقِي بِوِدِّهِ ... فَإِنَّ عَدُوِّي لَنْ يَضُرَّهُمُ بُغْضِي
وَأَعْرَبَ الْحَوْفِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْبَقَاءِ هُنَا كَإِعْرَابِهِمْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَجَوَّزُوا فِي شَيَاطِينَ الْبَدَلِيَّةَ مِنْ عَدُوًّا، كَمَا جَوَّزُوا هُنَاكَ بَدَلَيَّةَ الْجِنَّ مِنْ شُرَكَاءَ وَقَدْ رَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، أَيِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ الشَّيَاطِينَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينُ وَمِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينُ، وَالشَّيْطَانُ هُوَ الْمُتَمَرِّدُ مِنَ الصِّنْفَيْنِ كَمَا شَرَحْنَاهُ. وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ، وكذا
فهم أبوذر مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ لَهُ: «هَلْ تَعَوَّذْتَ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْإِنْسِ مِنْ شَيَاطِينَ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَهُمْ شَرٌّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ» .
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ شَيْطَانُ الْإِنْسِ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنْ شَيْطَانِ الْجِنِّ لِأَنِّي إِذَا تَعَوَّذْتُ بِاللَّهِ ذَهَبَ عَنِّي شَيْطَانُ الْجِنِّ، وشيان الْإِنْسِ يَجِيئُنِي وَيَجُرُّنِي إِلَى الْمَعَاصِي عِيَانًا.
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَمَّا أَعْدَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم من شَيَاطِينِ الْإِنْسِ: فَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ وأبو جهل بن هِشَامٍ وَالْعَاصِي بْنُ عَمْرٍو، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ وَأُبِيٌّ وَأُمَيَّةُ ابْنَا خَلَفٍ، وَنَبِيهٌ وَمُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمَعَتَّبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ قِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَافَانِي وَأَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأُسْلِمُ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ» .
وَقِيلَ: الْإِضَافَةُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ غُلَامِ زَيْدٍ أَيْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، أَيْ مُتَمَرِّدِينَ مُغْوِينَ لَهُمْ. وَعَلَى هَذَا فَسَّرَهُ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ قَالُوا: لَيْسَ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينُ وَالْمَعْنَى شَيَاطِينُ الْإِنْسِ الَّتِي مَعَ الْإِنْسِ، وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ الَّتِي مَعَ الْجِنِّ، قَسَّمَ إِبْلِيسُ جُنْدَهُ فَرِيقًا إِلَى الْإِنْسِ وَفَرِيقًا إِلَى الْجِنِّ، يَتَلَاقَوْنَ فَيَأْمُرُ بَعْضٌ بَعْضًا أَنْ يُضِلَّ صَاحِبَهُ بِمَا أَضَلَّ هُوَ بِهِ صَاحِبَهُ، ورجحت هذه الإضافة بأن أصل الْإِضَافَةَ الْمُغَايِرَةَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَرُجِّحَتِ الْإِضَافَةُ السابقة بأن

[1] سورة الكهف: 18/ 50.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست