responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 583
وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها أُمَّ الْقُرى مَكَّةُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَنْشَأُ الدين ودحو الْأَرْضِ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا وَسَطُ الْأَرْضِ وَلِكَوْنِهَا قِبْلَةَ وَمَوْضِعَ الْحَجِّ وَمَكَانَ أَوَّلِ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ، وَالْمَعْنَى: وَلِتُنْذِرَ أَهْلَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَهُمْ سَائِرُ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ:
الْعَرَبُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ زَعَمُوا أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى الْعَرَبِ فَقَطْ، قَالُوا: وَمَنْ حَوْلَها هِيَ الْقُرَى الْمُحِيطَةُ بِهَا وَهِيَ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَمَنْ حَوْلَها عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلَوْ فَرَضْنَا الْخُصُوصَ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ عَنْ مَا سِوَاهَا إِلَّا بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وحذف أهل الدلالة الْمَعْنَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَبْنِيَةَ لا تنذر كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [1] لِأَنَّ الْقَرْيَةَ لَا تُسْأَلُ وَلَمْ تُحْذَفْ مَنْ فَيُعْطَفَ حَوْلَها عَلَى أُمَّ الْقُرى وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَانَ يَصِحُّ لِأَنَّ حَوْلَ ظَرْفٌ لَا يَتَصَرَّفُ فَلَوْ عُطِفَ عَلَى أُمِّ الْقُرَى لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي اسْتِعْمَالِهِ مَفْعُولًا بِهِ خُرُوجًا عَنِ الظَّرْفِيَّةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَمَا قُلْنَا لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ الْعَرَبُ إِلَّا لَازِمَ الظَّرْفِيَّةِ غَيْرَ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ بِغَيْرِهَا، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ لِيُنْذِرَ أَيِ الْقُرْآنُ بِمَوَاعِظِهِ وَأَوَامِرِهِ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلِتُنْذِرَ خِطَابًا لِلرَّسُولِ والمعنى وَلِتُنْذِرَ به أَنْزَلْنَاهُ فَاللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِمُتَأَخِّرٍ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِتُنْذِرَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ صِفَةُ الْكِتَابِ كَأَنَّهُ قيل: أنزلنا لِلْبَرَكَاتِ وَتَصْدِيقِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَالْإِنْذَارِ.
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى الْكِتَابِ أَيْ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِأَنَّ لَهُمْ حَشْرًا وَنَشْرًا وَجَزَاءً تؤمنون بِهَذَا الْكِتَابِ لِمَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِنَ ذِكْرِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّبْشِيرِ وَالتَّهْدِيدِ، إِذْ ليس فيه كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَلَا فِي شَرِيعَةٍ مِنَ الشَّرَائِعِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَا مَا فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ تَقْدِيرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ، وَالْمَعْنَى:
يُؤْمِنُونَ بِهِ الْإِيمَانَ الْمُعْتَضِدَ بِالْحُجَّةِ الصَّحِيحَةِ وَإِلَّا فَأَهْلُ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ وَاجِبُ الْوُجُودِ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْكُتُبُ وَالرُّسُلُ وَالْيَوْمُ الْآخِرُ وَالْقَدَرُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ بِبَاقِيهَا وَلِإِسْمَاعِ كَفَّارِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، أَنَّ مَنْ آمَنَ بِالْبَعْثِ آمَنَ بِهَذَا الْكِتَابِ وَأَصْلُ الدِّينِ خَوْفُ العاقبة فمن خافها لَمْ يَزَلْ بِهِ الْخَوْفُ حَتَّى يُؤْمِنَ، وَقِيلَ: يُعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[1] سورة يوسف: 12/ 82.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 583
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست