responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 56
وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ بِأَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ، وَاتَّصَلَ بِذَلِكَ أَمَرَ الْمُحَارِبَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، رَجَعَ إِلَى أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّهُمْ خَانُوا الرَّسُولَ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ بُشَيْرٌ مُنَافِقًا وَيَهْجُو الصَّحَابَةَ وَيَنْحِلُ الشِّعْرَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا طُعْمَةُ فَارْتَدَّ، وَأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ الْأَحْكَامَ الْكَثِيرَةَ عَرَفَ أَنَّ كُلَّهَا مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّسُولِ أَنْ يَحِيدَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا طَلَبًا لِرِضَا قَوْمٍ. أَوْ أَنَّهُ لِمَا أَنَّهُ يُجَاهِدُ الْكُفَّارَ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلْحَاقُ مَا لَمْ يَفْعَلُوا بِهِمْ، وَأَنَّ كُفْرَهُ لَا يُبِيحُ الْمُسَامَحَةَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ، بَلِ الْوَاجِبُ فِي الدِّينِ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ وَعَلَيْهِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ حَيْفٌ لِأَجْلِ أَنْ يُرْضِيَ الْمُنَافِقَ.
وَالْكِتَابُ هُنَا الْقُرْآنُ. وَمَعْنَى بِالْحَقِّ: أَيْ لَا عِوَجَ فِيهِ وَلَا مَيْلَ. وَالنَّاسُ هُنَا عَامٌّ، وَبِمَا أَرَاكَ اللَّهُ بِمَا أَعْلَمَكَ مِنَ الْوَحْيِ. وَقِيلَ: بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ مَحْرُوسٌ فِي اجْتِهَادِهِ، مَعْصُومٌ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ. وَقِيلَ: بِمَا أَلْقَاهُ فِي قَلْبِكَ مِنْ أَنْوَارِ الْمَعْرِفَةِ وَصَفَاءِ الْبَاطِنِ. وَعَنْ عُمَرَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ قَضَيْتُ بِمَا أَرَانِي اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إِلَّا لِنَبِيِّهِ، لِأَنَّ الرَّأْيَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصِيبًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُرِيهِ إِيَّاهُ، وَهُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكْلِيفُ دون الإهمال، أو بماله عَاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ، لِأَنَّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ عَبَثٌ وَبَاطِلٌ» . وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ:
بِالْحَقِّ أَيْ: مُوَافِقًا لِمَا هُوَ الْحَقُّ عَلَى الْعِبَادِ، وَلِمَا لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِيَعْلَمُوا بِذَلِكَ، أَوْ بَيَانًا لِأَمْرِهِ. وَحُقٌّ كَائِنٌ ثَابِتٌ وَهُوَ الْبَعْثُ وَالْقِيَامَةُ، لِيَتَزَوَّدُوا لَهُ. أَوْ بِمَا يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ فَاعِلُهُ، أَوْ بِالْعَدْلِ وَالصِّدْقِ عَلَى الْأَمْنِ مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ. بِمَا أَرَاكُ اللَّهُ: فِيهِ دَلِيلُ جَوَازِ اجْتِهَادِهِ، وَاجْتِهَادُهُ كَالنَّصِّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ يُرِيهِ ذَلِكَ أَوْ لَا يُرِيهِ غَيْرَ الصَّوَابِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً أَيْ: مُخَاصِمًا، كَجَلِيسٍ بِمَعْنَى مَجَالِسٍ، قَالَهُ: الزَّجَّاجُ وَالْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ خَصَمَ، وَالْخَائِنُونَ جَمْعٌ. فَإِنَّ بَنِي أُبَيْرِقٍ الثَّلَاثَةِ هُمُ الَّذِينَ نَقَبُوا الْمَشْرُبَةَ، فَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي خَانَ فِي الدِّرْعِ أَوْ سَرَقَهَا، فَجَاءَ الْجَمْعُ بِاعْتِبَارِهِ وَاعْتِبَارِ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ قَوْمِهِ كَأُسَيْدِ بْنِ عُرْوَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ مِمَّنْ زَكَّاهُ، فَكَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فِي الْإِثْمِ، خُصُوصًا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ السَّارِقُ. أَوْ جَاءَ الْجَمْعُ لِيَتَنَاوَلَ طُعْمَةَ وَكُلَّ مِنْ خَانَ خِيَانَتَهُ، فَلَا يُخَاصِمُ لِخَائِنٍ قَطُّ، وَلَا يُحَاوِلُ عَنْهُ. وَخَصِيمًا يَحْتَاجُ مُتَعَلِّقًا مَحْذُوفًا أَيِ الْبَرَاءُ. وَالْبَرِيءُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ حَسَبَ الِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ: أَهُوَ الْيَهُودِيُّ الَّذِي دَفَعَ إليه طعمة الدّرع وهو زَيْدُ بْنُ السُّمَيْنِ، أَوْ أَبُو مَلِيكٍ الْأَنْصَارِيُّ؟ وَهُوَ الَّذِي أَلْقَى طُعْمَةُ الدِّرْعَ فِي دَارِهِ لَمَّا خَافَ الِافْتِضَاحَ، أَوْ لَبِيدُ بْنُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست