responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 54
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي تَرْكِهَا إِلَى أَنْ يَطْمَئِنَّ. وَقِيلَ: قوله: فإذا قضيتم الصلاة فَاذْكُرُوا، أَنَّهُ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ حاله إلا من بَعْدِ الْخَوْفِ قِيَامًا لِلْأَصِحَّاءِ، وقعودا للعاجزين عن القيام، وعلى جنوبكم العاجزين عَنِ الْقُعُودِ لِزَمَانَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْقُعُودَ مَعَهَا، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ أَيْ: أَمِنْتُمْ مِنَ الْخَوْفِ قَالَهُ: قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ. فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ:
صَلُّوهَا لَا كَصَلَاةِ الْخَوْفِ، بَلْ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فِي السَّفَرِ. وَقِيلَ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ أَيْ: فَإِذَا رَجَعْتُمْ مِنْ سَفَرِكُمْ إِلَى الْحَضَرِ فَأَقِيمُوهَا تَامَّةً أَرْبَعًا.
إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً [1] أَيْ وَاجِبَةً فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ قَالَهُ:
ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ. وَلَمْ يَقُلْ مَوْقُوتَةً، لِأَنَّ الْكِتَابَ مَصْدَرٌ، فَهُوَ مُذَكَّرٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْمَعْنَى فَرْضًا مَفْرُوضًا، فَهُمَا لَفْظَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ أَيْ: فَرْضًا مُنَجَّمًا فِي أَوْقَاتٍ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: أَجْمَلَ هُنَا تِلْكَ الْأَوْقَاتَ وَفَسَّرَهَا فِي أَوْقَاتٍ خَمْسًا، وَتَوْقِيتُهَا بِأَوْقَاتٍ خَمْسَةٍ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ نَظَرًا إِلَى الْمَعْقُولِ، لِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا مَرَاتِبُ خَمْسٌ: مَرْتَبَةُ الْحُدُوثِ، وَمَرْتَبَةُ الْوُقُوفِ، وَمَرْتَبَةُ الْكُهُولَةِ وَفِيهَا نُقْصَانٌ خَفِيٌّ، وَمَرْتَبَةُ الشَّيْخُوخَةِ، وَالْخَامِسَةُ: أَنْ تَبْقَى آثَارُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُدَّةً ثُمَّ تُمْحَى. وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ حَصَلَتْ لِلشَّمْسِ بِحَسَبِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، فَأَوْجَبَ اللَّهُ عِنْدَ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ أَحْوَالِهَا الْخَمْسِ صَلَاةً انْتَهَى. مَا لَخَّصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِ وَطَوَّلَ هُوَ كَثِيرًا فِي شَيْءٍ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَلَا تَقْتَضِيهِ لُغَةُ الْعَرَبِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِهِ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيُطَالِعْهُ فِيهِ.
وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ قِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْجِهَادِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: فِي انْصِرَافِ الصَّحَابَةِ مِنْ أُحُدٍ، وَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ، أَمَرَ أَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي أُحُدٍ، فَشَكَوْا بِأَنَّ فِيهِمْ جِرَاحَاتٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْقَضَاءَ فِي قَوْلِهِ: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ إِنَّمَا هُوَ قَضَاءُ صَلَاةِ الْخَوْفِ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ: تَهِنُوا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَهِيَ لُغَةٌ. فُتِحَتِ الْهَاءُ كَمَا فُتِحَتْ دَالُ يَدَعُ، لأجل حَرْفُ الْحَلْقِ، وَالْمَعْنَى: وَلَا تَضْعُفُوا أَوْ تَخُورُوا جُبْنًا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ:
وَلَا تُهَانُوا مِنَ الْإِهَانَةِ. نُهُوا عَنْ أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِهَانَتُهُمْ مِنْ كَوْنِهِمْ يَجْنُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ فَيُهَانُونَ كَقَوْلِهِمْ: «لَا أَرَيْنَاكَ هَاهُنَا» ، ثُمَّ شَجَّعَهُمْ عَلَى طَلَبِ الْقَوْمِ وَأَلْزَمْهُمُ

[1] سورة النساء: 4/ 103.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست