responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 515
وَالْأَبْوَابُ اسْتِعَارَةٌ عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي هَيَّأَهَا اللَّهُ لَهُمْ الْمُقْتَضِيَةِ لِبَسْطِ الرِّزْقِ عَلَيْهِمْ وَالْإِبْهَامُ فِي هَذَا الْعُمُومِ لِتَهْوِيلِ مَا فُتِحَ عَلَيْهِمْ وَتَعْظِيمِهِ وَغَيَّا الْفَتْحَ بِفَرَحِهِمْ بِمَا أُوتُوا وَتَرَتَّبَ عَلَى فَرَحِهِمْ أَخْذُهُمْ بَغْتَةً أَيْ إِهْلَاكُهُمْ فَجْأَةً وَهُوَ أَشَدُّ الْإِهْلَاكِ إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ شُعُورٌ بِهِ فَتَتَوَطَّنَ النَّفْسُ عَلَى لِقَائِهِ، ابْتَلَاهُمْ أَوَّلًا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ فَلَمْ يَتَّعِظُوا ثُمَّ نَقَلَهُمْ إِلَى مَا أَوْجَبَ سُرُورَهُمْ مِنْ إِسْبَاغِ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَجِدْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَلَا قَصَدُوا الشُّكْرَ وَلَا أَصْغَوْا إِلَى إِنَابَةٍ بَلْ لَمْ يَحْصُلُوا إِلَّا عَلَى فَرَحٍ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ: أُمْهِلَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عِشْرِينَ سَنَةً.
فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ أَيْ باهتون بائسون لا يخبرون جَوَابًا. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ فَتَّحْنَا بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَالتَّشْدِيدُ لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ وَإِذَا هِيَ الْفُجَائِيَّةُ وَهِيَ حَرْفٌ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَظَرْفُ مَكَانٍ، وَنُسِبَ إِلَى سِيبَوَيْهِ وَظَرْفُ زَمَانٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّيَاشِيِّ وَالْعَامِلُ فِيهَا إِذَا قُلْنَا بِظَرْفِيَّتِهَا هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ أَيْ، فَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ هُمْ مُبْلِسُونَ أَيْ مَكَانِ إِقَامَتِهِمْ وَذَلِكَ الزَّمَانِ هُمْ مُبْلِسُونَ وَأَصْلُ الْإِبْلَاسِ الْإِطْرَاقُ لِحُلُولِ نِقْمَةٍ أَوْ زَوَالِ نِعْمَةٍ. قَالَ الْحَسَنُ:
مُكْتَئِبُونَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هَالِكُونَ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ وَقُطْرُبٌ: خَاشِعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مُتَحَيِّرُونَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مُتَحَسِّرُونَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: السَّاكِتُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحُجَّةِ.
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِئْصَالِهِمْ بِالْهَلَاكِ وَالْمَعْنَى: فَقُطِعَ دَابِرُهُمْ وَنَبَّهَ عَلَى سَبَبِ الِاسْتِئْصَالِ بِذِكْرِ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الظُّلْمُ، وَهُوَ هُنَا الْكُفْرُ وَالدَّابِرُ التَّابِعُ لِلشَّيْءِ مِنْ خَلْفِهِ يُقَالُ: دَبَرَ الْوَالِدَ الْوَلَدُ يَدْبُرُهُ، وَفُلَانٌ دَبَرَ الْقَوْمَ دُبُورًا وَدَبَرًا إِذَا كَانَ آخِرَهُمْ. وَقَالَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
فَاسْتُؤْصِلُوا بِعَذَابٍ خَصَّ دَابِرَهُمْ ... فَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلَا انْتَصَرُوا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: دابِرُ الْقَوْمِ آخِرُهُمُ الَّذِي يَدْبُرُهُمْ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الدَّابِرُ الْأَصْلُ يُقَالُ: قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُ أَيْ أَذْهَبَ أَصْلَهُ، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ فَقُطِعَ دابِرُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَالرَّاءِ أَيْ فَقَطَعَ اللَّهُ وَهُوَ الْتِفَاتٌ إِذْ فِيهِ الْخُرُوجُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِيذَانٌ بِوُجُوبِ الْحَمْدِ لِلَّهِ عِنْدَ هَلَاكِ الظَّلَمَةِ وَأَنَّهُ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَجْزَلِ الْقِسَمِ انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأُمَمِ كَذَّبُوهُمْ وَآذَوْهُمْ فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ تَارَةً بِالْبَلَاءِ، وَتَارَةً بِالرَّخَاءِ فَلَمْ يُؤْمِنُوا فَأَهْلَكَهُمْ وَاسْتَرَاحَ الرُّسُلُ مِنْ شَرِّهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَصَارَ ذَلِكَ نِعْمَةً فِي حَقِّ الرُّسُلِ إِذْ أَنْجَزَ اللَّهُ وَعْدَهُ عَلَى لِسَانِهِمْ بِهَلَاكِ الْمُكَذِّبِينَ فَنَاسَبَ هَذَا الْفِعْلَ كُلَّهُ الختم بالحمدلة.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 515
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست