responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 511
لَا تُكْشَفُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. (قُلْتُ) : قَدِ اشْتَرَطَ فِي الْكَشْفِ الْمَشِيئَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنْ شَاءَ إِيذَانًا بِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنَ الْحِكْمَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ لِوَجْهٍ آخَرَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَرْجَحَ مِنْهُ انْتَهَى. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الشَّرْطُ بِقَوْلِهِ أَغَيْرَ اللَّهِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ لِلْفَاعِلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَتُلُخِّصَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَذْكُورٌ وَهُوَ أَرَأَيْتَكُمْ الْمُتَقَدِّمُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَذْكُورٌ وَهُوَ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَنْ تَدْعُونَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ دَعَوْتُمُ اللَّهَ، هَذَا مَا وَجَدْنَاهُ مَنْقُولًا وَالَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ غَيْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ أَرَأَيْتَكُمْ عَلَيْهِ وَتَقْدِيرُهُ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ فَأَخْبِرُونِي عَنْهُ أَتَدْعُونَ غَيْرَ اللَّهِ لِكَشْفِهِ، كَمَا تَقُولُ: أَخْبِرْنِي عَنْ زَيْدٍ إِنْ جَاءَكَ مَا تَصْنَعُ بِهِ؟
التَّقْدِيرُ إِنْ جَاءَكَ فَأَخْبِرْنِي فَحُذِفَ الْجَوَابُ لِدَلَالَةِ أَخْبِرْنِي عَلَيْهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنْتَ ظَالِمٌ إِنْ فَعَلْتَ التَّقْدِيرُ فَأَنْتَ ظَالِمٌ فَحُذِفَ فَأَنْتَ ظَالِمٌ وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ العربية وغَيْرَ اللَّهِ عَنَى بِهِ الْأَصْنَامَ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، وَتَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ هُنَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ دُعَاءَ الْأَصْنَامِ إِذْ لَا يُنْكَرُ الدُّعَاءُ إِنَّمَا يُنْكَرُ أَنَّ الْأَصْنَامَ تُدْعَى كَمَا تَقُولُ: أَزَيْدًا تَضْرِبُ لَا تُنْكِرُ الضَّرْبَ وَلَكِنْ تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ زَيْدًا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بَكَّتَهُمْ بِقَوْلِهِ: أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ بِمَعْنَى أَتَخُصُّونَ آلِهَتَكُمْ بِالدَّعْوَةِ فِيمَا هُوَ عَادَتُكُمْ إِذَا أَصَابَكُمْ ضُرٌّ أَمْ تَدْعُونَ اللَّهَ دُونَهَا؟ انْتَهَى. وَقَدَّرَهُ بِمَعْنَى أَتَخُصُّونَ لِأَنَّ عِنْدَهُ تَقْدِيمَ الْمَفْعُولِ مُؤْذِنٌ بِالتَّخْصِيصِ وَالْحَصْرِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ وَالتَّخْصِيصِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْبَيَانِ مِنْ بَابِ اسْتِدْرَاجِ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ أَنْ يُلِينَ الْخِطَابَ وَيَمْزُجَهُ بِنَوْعٍ مِنَ التَّلَطُّفِ وَالتَّعَطُّفِ حَتَّى يُوقِعَ الْمُخَاطَبَ فِي أَمْرٍ يَعْتَرِفُ بِهِ فَتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ بِلِينٍ مِنَ الْقَوْلِ وَذَكَرَ لَهُمْ أَمْرًا لَا يُنَازِعُونَ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا مَسَّهُمُ الضُّرُّ دَعَوُا اللَّهَ لَا غَيْرَهُ وَجَوَابُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي دَعْوَاكُمْ أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ إِلَهٌ فَهَلْ تَدْعُونَهُ لِكَشْفِ مَا يَحِلُّ بِكُمْ مِنَ الْعَذَابِ؟.
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ إِيَّاهُ ضَمِيرُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 511
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست