responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 488
بَكْرٌ لَمْ تُزِلْ كَأَنَّ عَنِ التَّشْبِيهِ وَلَا لَعَلَّ عَنِ التَّرَجِّي. قَالَ بَعْضُ أصحابنا: فذكر بِمَا فِي التَّقْلِيلِ وَالصَّرْفِ إِلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ يَعْنِي إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ قَالَ: هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، فَإِنْ خَلَتْ مِنْ مَعْنَى التَّقْلِيلِ خَلَتْ غَالِبًا مِنَ الصَّرْفِ إِلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ وَتَكُونُ حِينَئِذٍ لِلتَّحْقِيقِ وَالتَّوْكِيدِ نَحْوَ قَوْلِهِ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ وَقَوْلِهِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ [1] وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ تُدْرِكُ الْإِنْسَانَ رَحْمَةُ رَبِّهِ ... وَلَوْ كَانَ تَحْتَ الْأَرْضِ سَبْعِينَ وَادِيًا
وَقَدْ تَخْلُو مِنَ التَّقْلِيلِ وَهِيَ صَارِفَةٌ لِمَعْنَى المضي نحو قول: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ [2] انْتَهَى.
وَقَالَ مَكِّيٌّ: قَدْ هُنَا وَشِبْهُهُ تَأْتِي لِتَأْكِيدِ الشيء وإيجابه وتصديقه ونَعْلَمُ بِمَعْنَى عَلِمْنَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْفَضْلِ فِي رَيِّ الظَّمْآنِ: كَلِمَةُ قَدْ تَأْتِي لِلتَّوَقُّعِ وَتَأْتِي لِلتَّقْرِيبِ مِنَ الْحَالِ وَتَأْتِي لِلتَّقْلِيلِ انْتَهَى، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْكَذُوبَ قَدْ يُصَدَّقُ وَإِنَّ الْجَبَانَ قَدْ يَشْجُعُ وَالضَّمِيرُ فِي إِنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ مُفَسِّرَةٌ لَهُ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ إِنَّ وَلَا يَقَعُ هُنَا اسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى تَقْدِيرِ رَفْعِهِ مَا بَعْدَهُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ مَوْقِعَ الْمُضَارِعِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ خَبَرِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ مُفْرَدًا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ يَحْزُنْكَ رُبَاعِيًّا وَثُلَاثِيًّا فِي آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا والَّذِي يَقُولُونَ مَعْنَاهُ مِمَّا يُنَافِي مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُ سَاحِرٌ وَشَاعِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ. وَقِيلَ: كَانُوا يُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَلَا يَقْبَلُونَ دِينَهُ. وَقِيلَ: كَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى الْكَذِبِ وَالِافْتِعَالِ. وَقِيلَ: كَانَ بَعْضُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَقُولُ لَهُ: رَئْيٌ مِنَ الْجِنِّ يُخْبِرُهُ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ.
وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَنَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِتَخْفِيفِ يُكَذِّبُونَكَ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالتَّشْدِيدِ. فَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ نَحْوَ كَثُرَ وَأَكْثَرَ. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ حَكَى الْكِسَائِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: كَذَّبْتُ الرَّجُلَ إِذْ نَسَبْتَ إِلَيْهِ الْكَذِبَ وَأَكْذَبْتُهُ إِذَا نَسَبْتَ الْكَذِبَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ دُونَ أَنْ تَنْسُبَهُ إِلَيْهِ وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَيْضًا: أَكْذَبْتُ الرَّجُلَ إِذَا وَجَدْتَهُ كَذَّابًا كَمَا تَقُولُ: أَحَمَدْتُ الرَّجُلَ إِذَا وَجَدْتَهُ مَحْمُودًا فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَرْقِ يَكُونُ مَعْنَى التَّخْفِيفِ لَا يَجِدُونَكَ كَاذِبًا أَوْ لَا يَنْسُبُونَ الْكَذِبَ إِلَيْكَ، وَعَلَى مَعْنَى التَّشْدِيدِ يَكُونُ إِمَّا خَبَرًا مَحْضًا عَنْ عَدَمِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَيَكُونُ مِنْ نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى كُلِّهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُكَذِّبُهُ، وَيُكَذِّبُ مَا جَاءَ بِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْيُ التَّكْذِيبِ لِانْتِفَاءِ مَا يترتب عليه من

[1] سورة الصف: 61/ 5.
[2] سورة البقرة: 2/ 144.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست