responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 460
اسْتَفْهَمَ عَلَى جِهَةِ التَّوْقِيفِ وَالتَّقْرِيرِ، ثُمَّ بَادَرَ إِلَى الْجَوَابِ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ مُدَافَعَةٌ كَمَا تَقُولُ لمن تخاصمه وتتظلم مِنْهُ مَنْ أَقْدَرُ فِي الْبَلَدِ؟ ثُمَّ تُبَادِرُ وَتَقُولُ: السُّلْطَانُ فَهُوَ يَحُولُ بَيْنَنَا، فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ:
قُلْ لَهُمْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً هو شهيد بيني وبينكم، انْتَهَى. وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرَ قَوْلِهِ: قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ [1] لِأَنَّ لِلَّهِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا وَهُنَا لَا يَتَعَيَّنُ إِذْ يَنْعَقِدُ مِنْ قَوْلِهِ:
قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَيْضًا فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ لَفْظُ شَيْءٍ وَقَدْ تَتَوَزَّعُ فِي إِطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِي تِلْكَ الْآيَةِ لَفْظُ مَنْ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. قِيلَ: مَعْنَى أَكْبَرُ أَعْظَمُ وَأَصَحُّ، لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهَا الْخَطَأُ وَلَا السَّهْوُ وَلَا الْكَذِبُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهَا أَفْضَلُ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الشَّهَادَاتِ فِي التَّفْضِيلِ تَتَفَاوَتُ بِمَرَاتِبِ الشَّاهِدِينَ وَانْتَصَبَ شَهادَةً عَلَى التَّمْيِيزِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَصِحُّ عَلَى الْمَفْعُولِ بِأَنْ يُحْمَلَ أَكْبَرُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ انْتَهَى.
وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى المفعول ولأن أفعل من لَا يَتَشَبَّهُ بِالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، وَلَا يَجُوزُ فِي أَفْعَلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ لِأَنَّ شَرْطَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَنْ تُؤَنَّثَ وَتُثَنَّى وَتُجْمَعَ، وَأَفْعَلُ مَنْ لَا يَكُونُ فِيهَا ذَلِكَ وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مِنَ النُّحَاةِ فَجَعَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْمَنْصُوبَ فِي هَذَا مَفْعُولًا وَجَعَلَ أَكْبَرُ مُشَبَّهًا بِالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَجَعَلَ مَنْصُوبَهُ مَفْعُولًا وَهَذَا تَخْلِيطٌ فَاحِشٌ وَلَعَلَّهُ يَكُونُ مِنَ النَّاسِخِ لَا مِنَ الْمُصَنِّفِ، وَمَعْنَى بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ بَيْنَنَا وَلَكِنَّهُ لَمَّا أُضِيفَ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِعَادَةِ بَيْنَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فَأَيِّي مَا وَأَيُّكَ كَانَ شَرًّا. وَكِلَايَ وَكِلَاكَ ذَهَبَ أَنَّ مَعْنَاهُ فَأَيُّنَا وَكِلَانَا.
وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَأُوحِيَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ والْقُرْآنُ مَرْفُوعٌ بِهِ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو نَهِيكٍ وَابْنُ السَّمَيْقَعِ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأُوحِيَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ والْقُرْآنُ مَنْصُوبٌ بِهِ، وَالْمَعْنَى لِأُنْذِرَكُمْ وَلِأُبَشِّرَكُمْ فَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِنْذَارِ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ تَخْوِيفٍ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالرِّسَالَةِ الْمُتَّخِذِينَ غَيْرَ اللَّهِ إِلَهًا، وَالظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ مَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى مَفْعُولِ لِأُنْذِرَكُمْ وَالْعَائِدُ عَلَى مَنْ ضَمِيرٌ مَنْصُوبٌ مَحْذُوفٌ وَفَاعِلُ بَلَغَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْقُرْآنُ وَمَنْ بَلَغَهُ هُوَ أَيِ الْقُرْآنُ وَالْخِطَابُ فِي لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَمَنْ بَلَغَهُ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ. وَقِيلَ: مِنَ الثَّقَلَيْنِ. وَقِيلَ: مَنْ بَلَغَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا رَأَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْقُرْآنُ فَأَنَا نَذِيرُهُ»
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْفَاعِلُ بِ بَلَغَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ لَا عَلَى الْقُرْآنُ

[1] سورة الأنعام: 6/ 12.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست