responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 442
وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى مَلَكٌ نُشَاهِدُهُ وَيُخْبِرُنَا عَنِ اللَّهِ تعالى بنبوته وبصدقه، ولَوْلا بِمَعْنَى هَلَّا لِلتَّحْضِيضِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ تَعَنَّتَ وَأَنْكَرَ النُّبُوَّاتِ.
وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ وَلَوْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِ مَلَكاً يُشَاهِدُونَهُ لَقَامَتِ الْقِيَامَةُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً فَكَذَّبُوهُ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بِعَذَابِهِمْ وَلَمْ يُؤَخَّرُوا حَسَبَ مَا سَلَفَ فِي كُلِّ أُمَّةٍ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى لَقُضِيَ الْأَمْرُ لَمَاتُوا مِنْ هَوْلِ رؤية الملك في صورته، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا إِلَى آخِرِهِ فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِيُطِيقُوا رُؤْيَةَ الْمَلَكِ فِي صُورَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَالْأَوْلَى فِي لَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ لَمَاتُوا مِنْ هَوْلِ رُؤْيَتِهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَقُضِيَ أَمْرُ إِهْلَاكِهِمْ.
ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ بَعْدَ نُزُولِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ إِمَّا لِأَنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوا الْمَلَكَ قَدْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَتِهِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ أَبْيَنُ مِنْهَا وَأَيْقَنُ، ثُمَّ لَا يُؤْمِنُونَ كَمَا قَالَ وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ كَمَا أَهْلَكَ أَصْحَابَ الْمَائِدَةِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يَزُولُ الِاخْتِيَارُ الَّذِي هُوَ قَاعِدَةُ التَّكْلِيفِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ، فَيَجِبُ إِهْلَاكُهُمْ وَإِمَّا لِأَنَّهُمْ إِذَا شَاهَدُوا مَلَكًا فِي صُورَتِهِ زَهَقَتْ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ هَوْلِ مَا يُشَاهِدُونَ انْتَهَى. وَالتَّرْدِيدُ الْأَوَّلُ بِإِمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالثَّالِثُ قَوْلُ تِلْكَ الْفِرْقَةِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا أَهْلَكَ أَصْحَابَ الْمَائِدَةِ، لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ كُفَّارٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِمْ فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ الْعُقُودِ، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الزَّمَخْشَرِيُّ بِبَسْطٍ فِيهَا. وَقَالَ التَّبْرِيزِيُّ فِي مَعْنَى لَقُضِيَ الْأَمْرُ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَقَامَتِ الْقِيَامَةُ لِأَنَّ الْغَيْبَ يَصِيرُ عِنْدَهَا شَهَادَةً عِيَانًا. الثَّانِي: الْفَزَعُ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْإِلَهِيَّةَ جَارِيَةٌ فِي إِنْزَالِ الْمَلَائِكَةِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: الْوَحْيِ أَوِ الْإِهْلَاكِ، وَقَدِ امْتَنَعَ الْأَوَّلُ فَيَتَعَيَّنُ الثَّانِي انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ أَيْ بِإِهْلَاكِنَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَعْنَى ثُمَّ بعد ما بَيَّنَ الْأَمْرَيْنِ قَضَاءَ الْأَمْرِ وَعَدَمَ الْإِنْظَارِ جَعَلَ عَدَمَ الْإِنْظَارِ أَشَدَّ مِنْ قَضَاءِ الْأَمْرِ، لِأَنَّ مُفَاجَأَةَ الشِّدَّةِ أَشَدُّ مِنْ نَفْسِ الشِّدَّةِ انْتَهَى.
وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا أَيْ وَلَجَعَلْنَا الرَّسُولَ مَلَكًا، كَمَا اقْتَرَحُوا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ مَلَكٌ، وَتَارَةً يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً، وَمَعْنَى لَجَعَلْناهُ رَجُلًا أَيْ لَصَيَّرْنَاهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، كَمَا كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست