responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 430
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإِنْ قُلْتَ) : فَمَا مَعْنَى ثُمَّ؟ (قُلْتُ) : اسْتِبْعَادُ أَنْ يَعْدِلُوا بِهِ بَعْدَ وُضُوحِ آيَاتِ قُدْرَتِهِ وَكَذَلِكَ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ اسْتِبْعَادُ لِأَنْ تَمْتَرُوا فِيهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُحْيِيهِمْ وَمُمِيتُهُمْ وَبَاعِثُهُمُ انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنَّ ثُمَّ لِلتَّوْبِيخِ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ ثُمَّ لِلِاسْتِبْعَادِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ ثُمَّ لَمْ تُوضَعْ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا التَّوْبِيخُ أَوِ الِاسْتِبْعَادُ مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ لَا مِنْ مَدْلُولِ، ثُمَّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ ذَكَرَ ذَلِكَ بَلْ ثُمَّ هُنَا لِلْمُهْلَةِ فِي الزَّمَانِ وَهِيَ عَاطِفَةٌ جُمْلَةً اسْمِيَّةً عَلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ، أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ الْحَمْدَ لَهُ وَنَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَمْدِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ وَهِيَ خلق السموات وَالْأَرْضِ وَالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ بِهِ يَعْدِلُونَ فَلَا يَحْمَدُونَهُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (فَإِنْ قُلْتَ) : عَلَامَ عُطِفَ قَوْلِهِ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا.
(قُلْتُ) : إِمَّا عَلَى قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ حَقِيقٌ بِالْحَمْدِ عَلَى مَا خَلَقَ، لِأَنَّهُ مَا خَلَقَهُ إِلَّا نِعْمَةً ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ فَيَكْفُرُونَ نِعَمَهُ وَإِمَّا عَلَى قَوْلِهِ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ خَلَقَ مَا خَلَقَ، مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ سِوَاهُ ثُمَّ هُمْ يَعْدِلُونَ بِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ انْتَهَى. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي جَوَّزَهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّلَةِ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الصِّلَةِ صِلَةٌ، فَلَوْ جَعَلْتَ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا صِلَةً لَمْ يَصِحَّ هَذَا التَّرْكِيبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رَابِطٌ يَرْبُطُ الصِّلَةَ بِالْمَوْصُولِ، إِلَّا إِنْ خُرِّجَ عَلَى قَوْلِهِمْ أَبُو سَعِيدٍ الَّذِي رَوَيْتُ عَنِ الْخُدْرِيِّ يُرِيدُ رَوَيْتُ عَنْهُ فَيَكُونُ الظَّاهِرُ قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَ الْمُضْمَرِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ يَعْدِلُونَ وَهَذَا مِنَ النُّدُورِ، بِحَيْثُ لَا يُقَاسُ عليه ولا يُحْمَلُ كِتَابُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعَ تَرْجِيحِ حَمْلِهِ عَلَى التَّرْكِيبِ الصَّحِيحِ الْفَصِيحِ، والَّذِينَ كَفَرُوا الظَّاهِرُ فِيهِ الْعُمُومُ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ عَبْدَةُ الْأَصْنَامِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، عَبَدَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحَ وَالْيَهُودُ عُزَيْرًا وَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَجُوسُ عَبَدُوا النَّارَ وَالْمَانَوِيَّةُ عَبَدُوا النُّورَ، وَمَنْ خَصَّصَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْمَانَوِيَّةِ كَقَتَادَةَ أَوْ بِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ أَوْ بِالْمَجُوسِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَوْتُ مِنْ أَهْرَمَنْ وَالْحَيَاةُ مِنَ اللَّهِ، أَوْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ كَابْنِ أَبِي أَبْزَى فَلَا يَظْهَرُ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالْبَاءُ فِي بِرَبِّهِمْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِ يَعْدِلُونَ وَتَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: يَعْدِلُونَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَخْلُقُ وَلَا يَقْدِرُ، أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى يَعْدِلُونَ بِهِ غَيْرَهُ أَيْ: يُسَوُّونَ بِهِ غَيْرَهُ فِي اتِّخَاذِهِ رَبًّا وَإِلَهًا وَفِي الْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ وَعَدْلُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ التَّسْوِيَةُ بِهِ، وَفِي الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ وَالشَّرَّ مِنَ الْإِنْسَانِ فَعَدَلُوا بِهِ غَيْرَهُ فِي الْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 430
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست