responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 43
وَهُوَ تَخْرِيجٌ ذَهَبَ إِلَى مِثْلِهِ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ فِي قَوْلَهُ تَعَالَى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [1] وَهُوَ هَدْمٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ: بِأَنَّ النَّكِرَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالنَّكِرَةِ، وَالْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا جُمْلَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِقَوْلِهِ: الْمُسْتَضْعَفِينَ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى: «إِلَّا الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فَجَاءَ بَيَانًا وَتَفْسِيرًا لِذَلِكَ، لِأَنَّ الِاسْتِضْعَافَ يَكُونُ بِوُجُوهٍ، فَبَيَّنَ جِهَةَ الِاسْتِضْعَافِ النَّافِعِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْهِجْرَةِ وَهِيَ عَدَمُ اسْتِطَاعَةِ الْحِيلَةِ وَعَدَمُ اهْتِدَاءِ السَّبِيلِ. وَالثَّانِي مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحِيلَةِ الَّتِي يَتَخَلَّصُ بِهَا انْتِفَاءُ اهْتِدَاءِ السَّبِيلِ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى مُسْلِمِي مَكَّةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ
، فَقَالَ جُنْدُبُ بْنُ ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ: وَيُقَالُ: جُنْدُعٌ بِالْعَيْنِ، أَوْ ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ لِبَنِيهِ: احْمِلُونِي فَإِنِّي لَسْتُ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَإِنِّي لَأَهْتَدِي الطَّرِيقَ، وَاللَّهِ لَا أَبِيتُ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ، فَحَمَلُوهُ عَلَى سَرِيرٍ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَمَاتَ بِالتَّنْعِيمِ.
فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ عَسَى: كَلِمَةُ إِطْمَاعٍ وَتَرْجِيَةٍ، وَأَتَى بِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةً، دَلَالَةً عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْهِجْرَةِ أَمْرٌ صَعْبٌ لَا فُسْحَةَ فِيهِ، حَتَّى إِنَّ الْمُضْطَرَّ الْبَيِّنَ الِاضْطِرَارِ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِّي. وَقِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَعْفُو عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَأَنَّهُ وَعَدَهُمْ غُفْرَانَ ذُنُوبِهِمْ كَمَا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرَتْ لَكُمْ»
. وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً تَأْكِيدٌ فِي وقوع عَفْوِهِ عَنْ هَؤُلَاءِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُتَرَجَّى هُوَ وَاقِعٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ.
وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً قِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَكْثَمِ بْنِ صَيْفِيِّ، وَلَمَّا رَغَّبَ تَعَالَى فِي الْهِجْرَةِ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ وُجُودِ السَّعَةِ وَالْمَذَاهِبِ الْكَثِيرَةِ، لِيَذْهَبَ عَنْهُ مَا يَتَوَهَّمُ وُجُودَهُ فِي الْغُرْبَةِ وَمُفَارَقَةِ الْوَطَنِ مِنَ الشِّدَّةِ، وَهَذَا مُقَرَّرُ مَا قَالَتْهُ الْمَلَائِكَةُ: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها [2] .
وَمَعْنَى مُرَاغَمًا: مُتَحَوَّلًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، والربيع، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُزَحْزَحُ عَمَّا يَكْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمُهَاجَرُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمُبْتَغَى لِلْمَعِيشَةِ. وَقَرَأَ الْجَرَّاحُ، ونبيح، والحسن بن عمران: مَرْغَمًا عَلَى وَزْنِ مَفْعَلٍ كمذهب. قال

[1] سورة يس: 36/ 37.
[2] سورة النساء: 4/ 97.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست