responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 416
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْجُمْهُورُ: هَذَا الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لَهُ على رؤوس الْخَلَائِقِ فَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ أَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ بَاطِلٌ، فَيَقَعُ التَّجَوُّزُ فِي اسْتِعْمَالِ إِذْ بِمَعْنَى إِذَا وَالْمَاضِي بَعْدَهُ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي إِيلَاءِ الِاسْتِفْهَامِ الِاسْمَ، وَمَجِيءِ الْفِعْلِ بَعْدَهُ دَلَالَةٌ عَلَى صُدُورِ الْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ لَكِنْ وَقَعَ الِاسْتِفْهَامُ عَنِ النِّسْبَةِ أَكَانَ هَذَا الْفِعْلُ الْوَاقِعُ صَادِرًا عَنِ الْمُخَاطَبِ أَمْ لَيْسَ بِصَادِرٍ عَنْهُ، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّكَ تَقُولُ: أَضْرَبْتَ زَيْدًا، فَهَذَا اسْتِفْهَامٌ هَلْ صَدَرَ مِنْكَ ضَرْبٌ لِزَيْدٍ أَمْ لَا، وَلَا إِشْعَارَ فِيهِ بِأَنَّ ضَرْبَ زِيدٍ قَدْ وَقَعَ. فَإِذَا قُلْتَ أَنْتَ ضَرَبْتَ زَيْدًا كَانَ الضَّرْبُ قَدْ وَقَعَ بِزَيْدٍ، لَكِنَّكَ اسْتَفْهَمْتَ عَنْ إِسْنَادِهِ لِلْمُخَاطَبِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ بَيَانِيَّةٌ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ. وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى بِإِلَهِيَّةِ مَرْيَمَ، فَكَيْفَ قِيلَ إِلهَيْنِ، وَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا لَمْ تَلِدْ بَشَرًا وَإِنَّمَا وَلَدَتْ إِلَهًا، لَزِمَهُمْ أَنْ يقولوا من حيث البغضية بِإِلَهِيَّةِ مَنْ وَلَدَتْهُ، فَصَارُوا بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ: انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ صُدُورُ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْوُجُودِ لَا مِنْ عِيسَى، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صُدُورِ الْقَوْلِ وُجُودُ الِاتِّخَاذِ.
قالَ سُبْحانَكَ أَيْ تَنْزِيهًا لَكَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: عَنْ أَنْ يُقَالَ هَذَا وَيُنْطَقَ بِهِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ قَالَ أَبُو رَوْقٍ: لَمَّا سَمِعَ عِيسَى هَذَا الْمَقَالَ ارْتَعَدَتْ مَفَاصِلُهُ وَانْفَجَرَتْ مِنْ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ عَيْنٌ مِنْ دَمٍ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مُجِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى: سُبْحانَكَ تَنْزِيهًا وَتَعْظِيمًا لَكَ وَبَرَاءَةً لَكَ مِنَ السُّوءِ.
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ هَذَا نَفْيٌ يُعَضِّدُهُ دَلِيلُ الْعَقْلِ فَيَمْتَنِعُ عَقْلًا ادِّعَاءُ بَشَرٍ محدث الإلهية وبِحَقٍّ خَبَرُ لَيْسَ أَيْ لَيْسَ مُسْتَحَقًّا وَأَجَازُوا فِي لِي أَنْ يَكُونَ تَبْيِينًا وَأَنْ يَكُونَ صِلَةً صِفَةً لِقَوْلِهِ بِحَقٍّ لِي تَقَدَّمَ فَصَارَ حَالًا أَيْ بِحَقٍّ لِي، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِحَقٍّ لِأَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ، وَحَقٍّ بِمَعْنَى مُسْتَحَقٍّ أَيْ مَا لَيْسَ مُسْتَحَقًّا، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ مَا لَيْسَ لِي وَجَعَلَ بِحَقٍّ متعلقا بعلمته الَّذِي هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَرُدَّ ذَلِكَ بِادِّعَاءِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِيمَا ظَاهِرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ، وَلَا يُصَارُ إِلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إِلَّا لِمَعْنًى يَقْتَضِي ذَلِكَ، أَوْ بِتَوْقِيفٍ، أَوْ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ إِلَّا ذَلِكَ انْتَهَى هَذَا الْقَوْلُ وَرَدُّهُ، وَيَمْتَنِعُ أن يتعلق لِأَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الشَّرْطِ شَيْءٌ مِنْ مَعْمُولَاتِ فِعْلِ الشَّرْطِ وَلَا مِنْ مَعْمُولَاتِ جَوَابِهِ،
وَوَقَفَ نَافِعٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى قَوْلِهِ بِحَقٍّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست