responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 404
وَمَغْمُورٌ بِهِ لِأَنَّكَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَمَنْ عَلِمَ الْخَفِيَّاتِ لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ الظَّوَاهِرُ الَّتِي مِنْهَا إِجَابَةُ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ فَكَأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا جَنْبَ عِلْمِكَ حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. قَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ يَتَرَجَّحُ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَدِّ الْأَمْرِ إِلَيْهِ إِذْ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا بِمَا شُوفِهُوا بِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ وَيَنْقُصُهُمْ مَا فِي قُلُوبِ الْمُشَافِهِينَ مِنْ نِفَاقٍ وَنَحْوِهِ وَمَا كَانَ بَعْدَهُمْ مِنْ أُمَمِهِمْ وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْكَمَالِ فَرَأَوُا التَّسْلِيمَ لَهُ وَالْخُشُوعَ لِعِلْمِهِ الْمُحِيطِ انْتَهَى. وَقِيلَ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَا كَانَ بَعْدَنَا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْخَاتِمَةِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَقَدْ رَأَوْهُمْ سُودَ الْوُجُوهِ زُرْقَ الْعُيُونِ مُوَبَّخِينَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْأَصَحُّ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ تَعْلَمُ مَا أَظْهَرُوا وَمَا أَضْمَرُوا وَنَحْنُ مَا نَعْلَمُ إِلَّا مَا أَظْهَرُوا فَعِلْمُكَ فِيهِمْ أَنْفَذُ مِنْ عِلْمِنَا فَبِهَذَا الْمَعْنَى نَفُوا الْعِلْمَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ عِلْمَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ كَلَا عِلْمٍ انْتَهَى. فَيَكُونُ مِمَّا نُفِيَتْ فِيهِ الْحَقِيقَةُ ظَاهِرًا وَالْمَقْصُودُ نَفْيُ الْكَمَالِ كَأَنَّهُ قَالَ:
لَا عِلْمَ لَنَا كَامِلٌ، تَقُولُ لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ أَيْ كَامِلُ الرُّجُولِيَّةِ فِي قوته وَنَفَاذِهِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ ثَبَتَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْعِلْمَ غَيْرٌ وَالظَّنَّ غَيْرٌ وَالْحَاصِلُ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْغَيْرِ إِنَّمَا هُوَ الظَّنُّ لَا الْعِلْمُ وَلِذَلِكَ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّوَاهِرِ وَاللَّهُ مُتَوَلِّي السَّرَائِرَ» .
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ الْحَدِيثَ»
وَالْأَنْبِيَاءُ قَالُوا: لَا عِلْمَ لَنَا الْبَتَّةَ بِأَحْوَالِهِمْ إِنَّمَا الْحَاصِلُ عِنْدَنَا مِنْ أَحْوَالِهِمْ هُوَ الظَّنُّ وَالظَّنُّ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ الْأَحْكَامَ فِي الدُّنْيَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى الظُّنُونِ أَمَّا الْآخِرَةُ فَلَا الْتِفَاتَ فِيهَا إِلَى الظن لأن الأحكام فيها مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَبَوَاطِنِ الْأُمُورِ فَلِهَذَا السَّبَبِ قالوا لا عِلْمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْبَتَّةَ مَا مَعَهُمْ مِنَ الظَّنِّ، لِأَنَّ الظَّنَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَا عِلْمَ لَنَا بِسُؤَالِكَ وَلَا جَوَابَ لَنَا عَنْهُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو حَيْوَةَ مَاذَا أُجِبْتُمْ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَ عَلَّامَ بِالنَّصْبِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى فَيَتِمُّ الْكَلَامُ بِالْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ إِنَّكَ أَنْتَ أَيْ إِنَّكَ الْمَوْصُوفُ بِأَوْصَافِكَ الْمَعْرُوفَةِ مِنَ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ ثُمَّ نُصِبَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ عَلَى النِّدَاءِ أَوْ صِفَةٍ لِاسْمِ إِنَّ انْتَهَى. وَهَذَا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ وَضَمِيرَ الْمُخَاطَبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ وَأَمَّا ضَمِيرُ الْغَائِبِ فَفِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ، لِلْكِسَائِيِّ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ الْغُيُوبِ بِكَسْرِ الْغَيْنِ حَيْثُ وَقَعَ كَأَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرَبِ قَدِ اسْتَثْقَلَ تَوَالِيَ ضَمَّتَيْنِ مَعَ الْيَاءِ فَفَرَّ إِلَى حَرَكَةٍ مُغَايِرَةٍ لِلضَّمَّةِ مُنَاسِبَةٍ لِمُجَاوِرَةِ الْيَاءِ وَهِيَ لِلْكَسْرَةِ.
إِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِذْ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُوَبِّخُ الْكَافِرِينَ يَوْمَئِذٍ بِسُؤَالِ الرُّسُلِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست