responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 339
لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى إِعْرَابِ مَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ: أَنْ سَخِطَ اللَّهُ، أَنَّهُ هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ وَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ كَأَنَّهُ قِيلَ: لَبِئْسَ زَادُهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ سُخْطُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَالْمَعْنَى مُوجِبٌ سُخْطَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ انْتَهَى. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِعْرَابُ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ الْفَرَّاءِ، وَالْفَارِسِيِّ فِي أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ فِي بِئْسَ ضَمِيرًا، وَجَعَلَ مَا تَمْيِيزًا بِمَعْنَى شَيْئًا، وَقَدَّمَتْ صِفَةُ التَّمْيِيزِ. وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فَلَا يَسْتَوِي ذَلِكَ، لِأَنَّ مَا عِنْدَهُ اسْمٌ تَامٌّ مَعْرِفَةٌ بِمَعْنَى الشَّيْءِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ صِفَةٌ لِلْمَخْصُوصِ الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ: لبئس الشيء شيء قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا أَنْ سَخِطَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ بَدَلٍ مِنْ مَا انْتَهَى. وَلَا يَصِحُّ هَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْصُولَةً، أَمْ تَامَّةً، لِأَنَّ الْبَدَلَ يَحِلُّ مَحَلَّ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَأَنْ سَخِطَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فاعلا لبئس، لِأَنَّ فَاعِلَ نِعْمَ وَبِئْسَ لَا يَكُونُ أَنْ وَالْفِعْلَ. وَقِيلَ: أَنْ سَخِطَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ فِي قَدَّمَتْ، أَيْ: قَدَّمَتْهُ كَمَا تَقُولُ: الَّذِي ضَرَبْتَ زَيْدًا أَخُوكَ تُرِيدُ ضَرَبْتَهُ زَيْدًا. وَقِيلَ: عَلَى إِسْقَاطِ اللَّامِ أَيْ: لِأَنْ سَخِطَ.
وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ لَمَّا ذَكَرَ مَا قَدَّمُوا إِلَى الْآخِرَةِ زَادًا، وَذَمَّهُ بِأَبْلَغِ الذَّمِّ، ذَكَرَ مَا صَارُوا إِلَيْهِ وَهُوَ الْعَذَابُ وَأَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهِ، وَأَنَّهُ ثَمَرَةُ سُخْطِ اللَّهِ، كَمَا أَنَّ السُّخْطَ ثَمَرَةُ الْعِصْيَانِ.
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ [1] أسلافهم، فالنبي داود وعيسى أَوْ مُعَاصِرِي الرَّسُولِ، فَالنَّبِيُّ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ. وَالْمَعْنَى: لَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ إِيمَانًا خَالِصًا غَيْرَ نِفَاقٍ، إِذْ مُوَالَاةُ الْكُفَّارِ دَلِيلٌ عَلَى النِّفَاقِ. وَالظَّاهِرُ فِي ضَمِيرِ كَانُوا وَضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي مَا اتَّخَذُوهُمْ أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَفِي ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُتَوَلُّونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اتَّخَذَهُمْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ أَوْلِيَاءَ. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ عَنِ قَوْلِهِ كَثِيرًا مِنْهُمْ، فَعَوْدُ الضَّمَائِرُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنِ اخْتِلَافِهَا. وَجَاءَ جَوَابُ لَوْ مَنْفِيًّا بِمَا بِغَيْرِ لَامٍ، وَهُوَ الْأَفْصَحُ، وَدُخُولُ اللَّامِ عَلَيْهِ قَلِيلٌ نحو قوله:

[1] سورة المائدة: 5/ 80.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست