responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 33
الْآنَ كَذَلِكَ كُلٌّ مِنْهُمْ خَائِفٌ فِي قَوْمِهِ، مُتَرَبِّصٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكُمْ، فَلَمْ يَصْلُحْ إِذَا وَصَلَ أَنْ تَقْتُلُوهُ حَتَّى تَتَبَيَّنُوا أَمْرَهُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: وَهَذَا فِيهِ إِشْكَالٌ، لِأَنَّ إِخْفَاءَ الْإِيمَانِ مَا كَانَ عَامًّا فِيهِمْ انْتَهَى. وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ يُحِبُّونَ دِينَهُمْ، فَالتَّشْبِيهُ وَقَعَ بِتِلْكَ الْحَالِ الْأُولَى، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّ إِخْفَاءَ الْإِيمَانِ مَا كَانَ عَامًّا فِيهِمْ، لَا إِشْكَالَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إِلَى الْجُمْلَةِ مَا وُجِدَ مِنْ بَعْضِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَذَلِكَ كُنْتُمْ كَفَرَةً فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِأَنْ أَسْلَمْتُمْ، فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يَكُونَ هُوَ كَافِرًا ثُمَّ يُسْلِمُ لِحِينِهِ حِينَ لَقِيَكُمْ، فَيَجِبُ أَنْ يُتَثَبَّتَ فِي أَمْرِهِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: الْمَعْنَى أَنَّكُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حِينَ كُنْتُمْ فِيمَا بَيْنَ الْكُفَّارِ تُؤْمِنُونَ بِكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا كَانَ إِيمَانُنَا مِثْلَ إِيمَانِهِمْ، لِأَنَّا آمَنَّا اخْتِيَارًا، وَهَؤُلَاءِ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ انْتَهَى. وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ إِذْ كَانَ يَكُونُ الْمُشَبَّهُ هُوَ الْمُشَبَّهَ بِهِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَلَا مِنْ مُعْظَمِ الْوُجُوهِ. وَالتَّشْبِيهُ هُنَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَهُوَ: أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ هُوَ كَانَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ حَسَّنَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ وَطَوَّلَهُ جِدًّا. فَقَالَ: أَوَّلَ مَا دَخَلْتُمْ فِي الْإِسْلَامِ سَمِعْتُ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ، فَحَصَّنْتُ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مُوَاطَأَةِ قُلُوبِكُمْ لِأَلْسِنَتِكُمْ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِالِاسْتِقَامَةِ وَالِاشْتِهَارِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقَدُّمِ، وَإِنْ صِرْتُمْ أَعْلَامًا فِيهِ فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا بِالدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا فُعِلَ بِكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوا ظَاهِرَ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافَّةِ، وَلَا تَقُولُوا إِنَّ تَهْلِيلَ هَذَا لِاتِّقَاءِ الْقَتْلِ، لَا لِصِدْقِ النِّيَّةِ، فَتَجْعَلُوهُ سِلْمًا إِلَى اسْتِبَاحَةِ دَمِهِ وَمَالِهِ، وَقَدْ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى انْتَهَى.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَنْ يَنْتَقِلُ عَنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ، فَفِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يَحْدُثُ لَهُ مَيْلٌ بِسَبَبٍ ضَعِيفٍ، ثُمَّ لَا يَزَالُ ذَلِكَ الْمَيْلُ يَتَأَكَّدُ وَيَتَقَوَّى إِلَى أَنْ يَكْمُلَ وَيَسْتَحْكِمَ وَيَحْصُلَ الِانْتِقَالُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: كُنْتُمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا حَدَثَ فِيكُمْ مَيْلٌ ضَعِيفٌ بِأَسْبَابِ ضَعِيفَةٍ إِلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوِيَةِ ذَلِكَ الْمَيْلِ وَتَأْكِيدِ النُّفْرَةِ عَنِ الْكُفْرِ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ لَمَّا حَدَثَ فِيهِمْ مَيْلٌ ضَعِيفٌ إِلَى الْإِسْلَامِ بِسَبَبِ هَذَا الْخَوْفِ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ هَذَا الْإِيمَانَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُؤَكِّدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَيُقَوِّي تِلْكَ الرَّغْبَةَ فِي صُدُورِهِمْ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ آمَنَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ مَيْلُهُ أَوَّلًا إِلَى الْإِسْلَامِ مَيْلًا ضَعِيفًا ثُمَّ يَقْوَى، بَلْ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنِ اسْتَبْصَرَ بِأَوَّلِ وَهْلَةٍ دُعَاءَ الرَّسُولِ، أو رَأَى الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست