responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 307
قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَجَعَلَ هُنَا بِمَعْنَى صَيَّرَ. وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: بِمَعْنَى خَلَقَ، لِأَنَّ بَعْدَهُ وَعَبْدَ الطَّاغُوتِ، وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ لَا يَرَى أَنَّ اللَّهَ يُصَيِّرُ أَحَدًا عَابِدَ طَاغُوتٍ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَسْخِهِمْ قِرَدَةً فِي الْبَقَرَةِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ مُسِخُوا خَنَازِيرَ فَقِيلَ: شُيُوخُ أَصْحَابِ السَّبْتِ، إِذْ مسح شُبَّانُهُمْ قِرَدَةً قَالَهُ:
ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: أَصْحَابُ مَائِدَةِ عِيسَى. وَذُكِرَتْ أَيْضًا قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ فِي مَسْخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَنَازِيرَ مُلَخَّصُهَا: أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُمْ مُؤْمِنَةً قَاتَلَتْ مَلِكَ مَدِينَتِهَا وَمَنْ مَعَهُ، وَكَانُوا قَدْ كَفَرُوا بِمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهَا مِمَّنْ دَعَتْهُ إِلَى الْجِهَادِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَتْبَاعُهَا يُقْتَلُونَ، وَتَنْفَلِتُ هِيَ، فَبَعْدَ الثَّالِثَةِ سُبِيَتْ وَاسْتَبْرَأَتْ فِي دِينِهَا، فَمَسَخَ اللَّهُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ خَنَازِيرَ فِي لَيْلَتِهِمْ تَثْبِيتًا لَهَا عَلَى دِينِهَا، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ قَالَتِ: الْيَوْمَ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ أَعَزَّ دِينَهُ وَأَقَرَّهُ، فَكَانَ الْمَسْخُ خَنَازِيرَ عَلَى يَدَيْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّاغُوتِ.
وَقَرَأَ جُمْهُورُ السَّبْعَةِ: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ فِي رِوَايَةٍ: وَعَبْدَ الطَّاغُوتِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ وَعَبْدًا مُنَوَّنًا فَحُذِفَ التَّنْوِينُ كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّخْرِيجِ، لِأَنَّ عَبْدًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْصِبَ الطَّاغُوتَ، إِذْ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا اسْمَ فَاعِلٍ، وَالتَّخْرِيجُ الصَّحِيحُ أَنْ يَكُونَ تَخْفِيفًا مِنْ عَبَدَ بِفَتْحِهَا كَقَوْلِهِمْ: فِي سَلَفَ سَلْفَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ: عَبُدَ بِضَمِّ الْبَاءِ نَحْوَ شَرُفَ الرَّجُلُ أَيْ: صَارَ لَهُ عَبْدٌ كَالْخُلُقِ وَالْأَمْرِ الْمُعْتَادِ قَالَهُ: ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ صَارَ مَعْبُودًا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَقَوْلِكَ: أَمُرَ إِذَا صَارَ أَمِيرًا انْتَهَى. وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ وَابْنُ الْقَعْقَاعِ وَالْأَعْمَشُ فِي رِوَايَةِ هَارُونَ، وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، كَضُرِبَ زَيْدٌ.
وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ فِي رِوَايَةٍ: وَعُبِدَتِ الطَّاغُوتُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، كَضُرِبَتِ الْمَرْأَةُ. فَهَذِهِ سِتُّ قِرَاءَاتٍ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي، وَإِعْرَابُهَا وَاضِحٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ مَعْطُوفٌ عَلَى صِلَةِ مَنْ وُصِلَتْ بِلَعَنَهُ، وَغَضِبَ، وَجَعَلَ، وَعَبَدَ، وَالْمَبْنِيُّ لِلْمَفْعُولِ ضَعَّفَهُ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ يَتَّجِهُ عَلَى حَذْفِ الرَّابِطِ أَيْ: وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ فِيهِمْ أَوْ بَيْنَهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَعَبَدَ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الصِّلَةِ، لَكِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مَنْ، وَقَدْ قَرَأَ بِهَا مُظْهَرَةً عَبْدُ اللَّهِ قَرَأَ، وَمَنْ عَبَدَ فَإِمَّا عَطْفًا عَلَى الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَإِمَّا عَطْفًا عَلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ. وَقَرَأَ أَبُو وَاقِدٍ الْأَعْرَابِيُّ: وعباد الطاغوت جمع عابد، كَضُرَّابِ زَيْدٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ وَثَّابٍ: وَعُبُدَ الطَّاغُوتِ جَمْعُ عَبْدٍ، كَرَهْنٍ وَرُهُنٍ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: جَمْعُ عَابِدٍ كَشَارِفٍ وَشُرُفٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ تَابِعًا لِلْأَخْفَشِ: جَمْعُ عَبِيدٍ، فَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ جَمْعَ جَمْعٍ وَأَنْشَدُوا:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست