responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 286
تَفْسِيرِيَّةٌ، وَأُبْعِدَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْوَاوِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَدَّرَ قَبْلَ فِعْلِ الْأَمْرِ فِعْلًا مَحْذُوفًا فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ أَيْ: وَأَمَرْنَاكَ أَنِ احْكُمْ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حَذْفُ الْجُمْلَةِ الْمُفَسِّرَةِ بِأَنْ وَمَا بَعْدَهَا، وَذَلِكَ لَا يُحْفَظُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقُرِئَ بِضَمِّ النُّونِ مِنْ: وَأَنِ احْكُمْ، إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ الْكَافِ، وَبِكَسْرِهَا عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَالضَّمِيرُ فِي بَيْنَهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْيَهُودِ. وَقِيلَ:
عَلَى جَمِيعِ الْمُتَحَاكِمِينَ.
وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ.
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ أَيْ يَسْتَزِلُّوكَ. وَحَذَّرَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَأْيُوسًا مِنْ فِتْنَتِهِمْ إِيَّاهُ لِقَطْعِ أَطْمَاعِهِمْ، وَقَالَ: عَنْ بَعْضٍ، لِأَنَّ الَّذِي سَأَلُوهُ هُوَ أَمْرٌ جُزْئِيٌّ، سَأَلُوهُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى خُصُومِهِمْ فَأَبَى مِنْهُ. وَمَوْضِعُ أَنْ يَفْتِنُوكَ نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ، وَيَكُونُ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ.
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ أَيْ فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنِ الْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَأَرَادُوا غَيْرَهُ. وَمَعْنَى: أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ، أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِبَعْضِ آثَامِهِمْ.
وَأَبْهَمَ بَعْضًا هُنَا وَيَعْنِي بِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- التَّوَلِّيَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَإِرَادَةَ خِلَافِهِ، فَوَضَعَ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ مَوْضِعَ ذَلِكَ، وَأَرَادَ أَنَّهُمْ ذَوُو ذُنُوبٍ جَمَّةٍ كَثِيرَةٍ لَا الْعَدَدَ، وَهَذَا الذَّنْبُ مَعَ عِظَمِهِ وَهَذَا الْإِبْهَامُ فِيهِ تَعْظِيمُ التَّوَلِّي، وَفَرْطُ إِسْرَافِهِمْ فِي ارْتِكَابِهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا أَرَادَ نَفْسَهُ وَقَصَدَ تَفْخِيمَ شَأْنِهَا بِهَذَا الْإِبْهَامِ، كَأَنَّهُ قَالَ: نَفْسًا كَبِيرَةً أَوْ نَفْسًا أَيَّ نَفْسٍ، وَهَذَا الْوَعْدُ بِالْمُصِيبَةِ قَدْ أَنْجَزَهُ لَهُ تَعَالَى بِقِصَّةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَقِصَّةِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَإِجْلَاءِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَهْلَ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَغَيْرَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَخَصَّصَ إِصَابَتَهُمْ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ، لِأَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ إِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا وَذُنُوبُهُمْ فِيهَا نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَخُصُّهُمْ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَزِنَاهُمْ وَرِشَاهُمْ، وَنَوْعٌ يَتَعَدَّى إِلَى النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ كَمُمَالَأَتِهِمْ لِلْكُفَّارِ، وَأَقْوَالِهِمْ فِي الدِّينِ، فَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُونَ بِكُلِّ الذُّنُوبِ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَيْضًا: فَإِنْ تَوَلَّوْا قَبْلَهُ مَحْذُوفٌ مِنَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ تَقْدِيرُهُ: لَا تَتَّبِعْ وَاحْذَرْ، فَإِنْ حَكَّمُوكَ مَعَ ذَلِكَ وَاسْتَقَامُوا فَنِعِمَّا ذَلِكَ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ. وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَدَّرَ هَذَا الْمَحْذُوفُ الْمُعَادِلُ لِقَوْلِهِ: لَفَاسِقُونَ انْتَهَى. وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ هَذَا.
وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ أَيْ مُتَمَرِّدُونَ مُبَالِغُونَ فِي الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست