responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 266
التَّوْرَاةُ نَاطِقَةً بِحُكْمِ اللَّهِ. أو لَا مَحَلَّ لَهُ، وَتَكُونُ جُمْلَةً مُبَيِّنَةً، لِأَنَّ عِنْدَهُمْ مَا يُغْنِيهِمْ عَنِ التَّحْكِيمِ كَمَا تَقُولُ: عِنْدَكَ زَيْدٌ يَنْصَحُكَ وَيُشِيرُ عَلَيْكَ بِالصَّوَابِ فَمَا تَصْنَعُ بِغَيْرِهِ؟ وَهَذَانِ الْإِعْرَابَانِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ.
ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أَيْ مِنْ بَعْدِ تَحْكِيمِكَ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي كِتَابِهِمْ، لِأَنَّ التَّعْجِيبَ مِنَ التَّحْكِيمِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ صُدُورِهِ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، أَيْ مِنْ بَعْدِ حُكْمِ اللَّهِ فِي التَّوْرَاةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي خَالَفُوا فِيهَا أَمْرَ اللَّهِ انْتَهَى. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ أَيْ: ثُمَّ هُمْ يَتَوَلَّوْنَ بَعْدُ. وَهِيَ أَخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ بِتَوَلِّيهِمْ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي أَنَّهُمْ إِذَا وَضُحَ لَهُمُ الْحَقُّ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَتَوَلَّوْا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإِنْ قُلْتَ) : عَلَامَ عَطَفَ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ؟ (قُلْتُ) : عَلَى يُحَكِّمُونَكَ انْتَهَى. وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ دَاخِلًا فِي الِاسْتِفْهَامُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ التَّعَجُّبُ، أَيْ ثُمَّ كَيْفَ يَتَوَلَّوْنَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ قَدْ تَعَجَّبَ مِنْ تَحْكِيمِهِمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ مِنْ تَوَلِّيهِمْ عَنْهُ. أَيْ: كَيْفَ رَضُوا بِهِ ثُمَّ سَخِطُوهُ؟.
وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ظَاهِرُهُ نَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْهُمْ، أَيْ: مَنْ حَكَّمَ الرَّسُولَ، وَخَالَفَ كِتَابَهُ، وَأَعْرَضَ عَمَّا حَكَمَ لَهُ، إِذْ وَافَى كِتَابَهُ فَهُوَ كَافِرٌ. وَقِيلَ: هُوَ إِخْبَارٌ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أَبَدًا، فَهُوَ خَبَرٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي. وَقِيلَ: نَفْيُ الْإِيمَانِ بالتوراة وبموسى عَنْهُمْ. وَقِيلَ: هُوَ تَعْلِيقٌ بِقَوْلِهِ: وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ، أَيِ اعْجَبْ لِتَحْكِيمِهِمْ إِيَّاكَ، وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ بِكَ، وَلَا مُعْتَقِدِينَ فِي صِحَّةِ حُكْمِكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصْدُهُمْ تَحْصِيلُ مَنَافِعِ الدُّنْيَا وَأَغْرَاضِهِمُ الْفَاسِدَةِ دُونَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ.
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عباس، وَالْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي الْجَاحِدِينَ حُكْمَ اللَّهِ، وَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ جَحَدَ حُكْمَ اللَّهِ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ:
نَزَلَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ- إِلَى- فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [1] فِي الْيَهُودِ خَاصَّةً وَذَكَرَ قِصَّةَ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ. وَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ [2] نَزَلَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ نَعَمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو مِجْلِزٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ: هِيَ فِي الْيَهُودِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ عَلَيْنَا وَاجِبَةٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «نَحْنُ نَحْكُمُ عَلَى الْيَهُودِ وَعَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ»
وَفِي الْآيَةِ تَرْغِيبٌ لِلْيَهُودِ بِأَنْ يَكُونُوا كَمُتَقَدِّمِيهِمْ مِنْ مُسْلِمِي أَحْبَارِهِمْ، وَتَنْبِيهُ الْمُنْكِرِينَ لِوُجُوبِ الرجم. وقال

[1] سورة المائدة: 5/ 41- 44.
[2] سورة المائدة: 5/ 45.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست