responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 254
مُتَظَافِرِينَ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ. وَفَصَّلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ إِمَامٌ أَوْ نَائِبٌ لَهُ فَالْخِطَابُ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَفِيهَا حَاكِمٌ فَالْخِطَابُ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِلَى عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إِذْ ذَاكَ، إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ. وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا أَنَّهُ يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ الثِّنْتَانِ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الظَّاهِرِ، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ يُمْنَاهُ، وَمِنَ السَّارِقَةِ يُمْنَاهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْدِيَهُمَا يَدَيْهِمَا وَنَحْوُهُ: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [1] اكْتَفَى بِتَثْنِيَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَنْ تَثْنِيَةِ الْمُضَافِ، وَأُرِيدَ بِالْيَدَيْنِ الْيَمِينَانِ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: والسارقون والسارقات فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمْ انْتَهَى. وَسَوَّى بَيْنَ أَيْدِيَهُمَا وَقُلُوبُكُمَا وَلَيْسَا بِشَيْئَيْنِ، لِأَنَّ بَابَ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا يَطَّرِدُ فِيهِ وَضْعُ الْجَمْعِ مَوْضِعَ التَّثْنِيَةِ، وَهُوَ مَا كَانَ اثْنَيْنِ مِنْ شَيْئَيْنِ كَالْقَلْبِ وَالْأَنْفِ وَالْوَجْهِ وَالظَّهْرِ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُمَا اثْنَانِ كَالْيَدَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ فَإِنَّ وَضْعَ الْجَمْعِ مَوْضِعَ التَّثْنِيَةِ لَا يَطَّرِدُ، وَإِنَّمَا يُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الذِّهْنَ إِنَّمَا يَتَبَادَرُ إِذَا أُطْلِقَ الْجَمْعُ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ، فَلَوْ قِيلَ: قُطِعَتْ آذَانُ الزَّيْدَيْنِ، فَظَاهِرُهُ قَطْعُ أَرْبَعَةِ الْآذَانِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَدْلُولِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: جَمَعَ الْأَيْدِي مِنْ حَيْثُ كَانَ لِكُلِّ سَارِقٍ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْمُعَرَّضَةُ لِلْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَلِلسُّرَّاقِ أَيْدٍ، وَلِلسَّارِقَاتِ أَيْدٍ، كَأَنَّهُ قَالَ:
اقْطَعُوا أَيْمَانَ النَّوْعَيْنِ، فَالتَّثْنِيَةُ لِلضَّمِيرِ إِنَّمَا هِيَ لِلنَّوْعَيْنِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَيْدِيَهُمَا، أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الرِّجْلُ، فَإِذَا سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ إِنْ سق عُزِّرَ وَحُبِسَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ، وَبِهِ قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ. وَقَالَ عَلِيٌّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَحْمَدُ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ عُزِّرَ وَحُبِسَ. وَرَوَى عَطَاءٌ: لَا تُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ إِلَّا الْيَدُ الْيُمْنَى فَقَطْ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ عُزِّرَ وَحُبِسَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا سَرَقَ أَوَّلًا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ فِي الثَّانِيَةِ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ فِي الرَّابِعَةِ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ. قِيلَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ. وَظَاهِرُ قَطْعِ الْيَدِ أَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْمَنْكِبِ مِنَ الْمِفْصَلِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ فِي الْيَدِ مِنَ الْأَصَابِعِ، وَفِي الرِّجْلِ مِنْ نِصْفِ الْقَدَمِ وَهُوَ معقد الشرك.
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ: رَأَيْتُ الَّذِي قَطَعَهُ عَلِيٌّ مَقْطُوعًا مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ قَطَعَكَ؟ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى السَّرِقَةِ هُوَ قَطْعُ الْيَدِ فَقَطْ. فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ، وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ

[1] سورة التحريم: 66/ 4.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست