responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 242
تَرَتَّبَ عَلَى الْحِرَابَةِ، وَهَذَا فِعْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَارِثَةَ بْنِ بَدْرٍ الْعُرَانِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ مُحَارِبًا ثُمَّ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لَهُ سُقُوطَ الْأَمْوَالِ وَالدَّمِ عَنْهُ كِتَابًا مَنْشُورًا. وَقَالُوا: لَا نَظَرَ لِلْإِمَامِ فِيهِ إِلَّا كَمَا يَنْظُرُ فِي سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ طُولِبَ بِدَمٍ نُظِرَ فيه أو قيد مِنْهُ بِطَلَبِ الْوَلِيِّ، وَإِنْ طُولِبَ بِمَالٍ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ: يُؤْخَذُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَيُطَالَبُ بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: لَا يُطَالَبُ بِمَا اسْتَهْلَكَ، وَيُؤْخَذُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُحَارِبِ، وَلَكِنْ لَوْ فَرَّ إِلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَنَا تَائِبًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلَا أَدْرِي هَلْ أَرَادَ ارْتَدَّ أَمْ لَا؟ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَنَا تَائِبًا مِنْ قَبْلِ أَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا، أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ جَزَاءَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ الْمُعَدِّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَابْتِغَاءِ الْقُرُبَاتِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُنَجِّي مِنَ الْمُحَارَبَةِ وَالْعِقَابِ الْمُعَدِّ لِلْمُحَارِبِينَ. وَلَمَّا كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْعُرَنِيِّينَ وَالْكَلْبِيِّينَ، أَوْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ، أَوْ فِي الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ سَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، نَصَّ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مُنْدَرِجًا تَحْتَ ابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ لِأَنَّ بِهِ صَلَاحَ الْأَرْضِ، وَبِهِ قِوَامَ الدِّينِ، وَحِفْظَ الشَّرِيعَةِ، فَهُوَ مُغَايِرٌ لِأَمْرِ الْمُحَارَبَةِ، إِذِ الْجِهَادُ مُحَارَبَةٌ مَأْذُونٌ فِيهَا، وَبِالْجِهَادِ يُدْفَعُ الْمُحَارِبُونَ. وَأَيْضًا فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْقُوَّةُ وَالْبَأْسُ الَّذِي لِلْمُحَارِبِ مَقْصُورًا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ لَا يَضَعَ تِلْكَ النَّجْدَةَ الَّتِي وَهَبَهَا اللَّهُ لَهُ لِلْمُحَارَبَةِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَلِ الْوَسِيلَةُ الْقُرْبَةُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ بِهَا، أَوِ الْحَاجَةُ، أَوِ الطَّاعَةُ، أَوِ الْجَنَّةُ، أَوْ أَفْضَلُ دَرَجَاتِهَا، أَقْوَالٌ لِلْمُفَسِّرِينَ. وَذَكَرَ رَجَاءٌ الْفَلَاحَ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ مَا أَمَرَ بِهِ قَبْلُ مِنَ التَّقْوَى وَابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ. وَالْفَلَاحُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَلَاصِ عَنِ الْمَكْرُوهِ، وَالْفَوْزِ بِالْمَرْجُوِّ.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ لَمَّا أَرْشَدَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَعَاقِدِ الْخَيْرِ وَمَفَاتِحِ السَّعَادَةِ، وَذَكَرَ فَوْزَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَمَا آلوا إليه مِنَ الْفَلَاحِ، شَرَحَ حَالَ الْكُفَّارِ وَعَاقِبَةَ كُفْرِهِمْ، وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ.
والجملة من لو وجوابها فِي مَوْضِعِ خَبَرِ إِنَّ، وَمَعْنَى مَا فِي الْأَرْضِ: مِنَ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست