responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 236
وَإِنْ رَأَوْا سَيَّةً طَارُوا بِهَا فَرَحًا ... مِنِّي وَمَا عَلِمُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا
فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ قيل: هذه جملة محذوفة تقديره: فَوَارَى سَوْءَةَ أَخِيهِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَدَمَهُ كَانَ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ لِمَا لَحِقَهُ مِنْ عِصْيَانِ وَإِسْخَاطِ أَبَوَيْهِ، وَتَبْشِيرِهِ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَاصِيًا لَا كَافِرًا. قِيلَ: وَلَمْ يَنْفَعْهُ نَدَمُهُ، لِأَنَّ كَوْنَ النَّدَمِ تَوْبَةً خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقِيلَ: مِنَ النَّادِمِينَ عَلَى حَمْلِهِ. وَقِيلَ: مِنَ النَّادِمِينَ خَوْفَ الْفَضِيحَةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مِنَ النَّادِمِينَ عَلَى قَتْلِهِ لما تعب فيه مِنْ حَمْلِهِ، وَتَحَيُّرِهِ فِي أمر، وَتَبَيَّنَ لَهُ مِنْ عَجْزِهِ وَتَلْمَذَتِهِ لِلْغُرَابِ، وَاسْوِدَادِ لَوْنِهِ، وَسَخَطِ أَبِيهِ، وَلَمْ يَنْدَمْ نَدَمَ التَّائِبِينَ انْتَهَى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَابِيلَ، أَكَانَ كَافِرًا أَمْ عَاصِيًا؟
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنِ اللَّهَ ضَرَبَ لَكُمُ ابْنَيْ آدَمَ مَثَلًا فَخُذُوا مِنْ خَيْرِهَا وَدَعُوا شَرَّهَا»
وَحَكَى الْمُفَسِّرُونَ عَجَائِبَ مِمَّا جَرَى بِقَتْلِ هَابِيلَ مِنْ رَجَفَانِ الْأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَشُرْبِ الْأَرْضِ دَمَهُ، وَإِيسَالِ الشَّجَرِ، وَتَغَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ، وَحُمُوضَةِ الْفَوَاكِهِ، وَمَرَارَةِ الْمَاءِ، وَاغْبِرَارِ الْأَرْضِ، وَهَرَبِ قَابِيلَ بِأُخْتِهِ إِقْلِيمِيَا إِلَى عَدَنَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ، وَعِبَادَتِهِ النَّارَ، وَانْهِمَاكِ أَوْلَادِهِ فِي اتِّخَاذِ آلَاتِ اللَّهْوِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ حَتَّى أَغْرَقَهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ.
وَرُوِيَ أَنَّ آدَمَ مَكَثَ بَعْدَ قَتْلِهِ مِائَةَ سَنَةٍ لَا يَضْحَكُ، وَأَنَّهُ رَثَاهُ بِشِعْرٍ.
وَهُوَ كَذِبٌ بَحْتٌ، وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا مَنْحُولٌ مَلْحُونٌ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الشِّعْرِ.
وَرَوَى مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ إِنَّ آدَمَ قَالَ شِعْرًا فَهُوَ كَذِبٌ، وَرَمَى ردم بِمَا لَا يَلِيقُ بِالنُّبُوَّةِ، لِأَنَّ مُحَمَّدًا وَالْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كُلَّهُمْ فِي النَّفْيِ عَنِ الشِّعْرِ سَوَاءٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [1] وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنُوحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوَّلُ شَهِيدٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَيَصِفُ حُزْنَهُ عَلَيْهِ نَثْرًا مِنَ الْكَلَامِ شِبْهَ الْمُرْثِيَّةِ، فَتَنَاسَخَتْهُ الْقُرُونُ وَحَفِظُوا كَلَامَهُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْعَرَبِيَّةِ فَنَظَمَهُ فَقَالَ:
تَغَيَّرَتِ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحُ
وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ سِتَّةَ أَبْيَاتٍ، وَأَنَّ إِبْلِيسَ أَجَابَهُ فِي الْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ بِخَمْسَةِ أَبْيَاتٍ.
وَقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي الشِّعْرِ: إِنَّهُ مَلْحُونٌ، يشير فيه إلى البيت وهو الثاني:

[1] سورة يس: 36/ 69.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست