responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 23
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَتْلِ خَطَأً فِي الْحَرَمِ وَفِي شَهْرٍ حَرَامٍ، وَبَيْنَهُ فِي الْحِلِّ، وَفِي شَهْرٍ غَيْرِ حَرَامٍ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْقَتْلِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، أَوْ فِي الْحَرَمِ، هَلْ تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ؟ فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ أَوْ فِي الْحَرَمِ زِيدَ عَلَى الْقَاتِلِ الثُّلُثُ، وَيُزَادُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ.
وَأَمَّا مَنِ الْعَاقِلَةِ فَقِيلَ هُمُ الْعَصَبَاتُ الْأَرْبَعَةُ: الْأَبُ، وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَالِابْنُ، وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: هُمْ أَهْلُ دِيوَانِهِ دُونَ أَقْرِبَائِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ فُرِضَتْ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، وَيُضَمُّ إليهم أقرب الْقَبَائِلُ فِي النَّسَبِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: الْعَقْلُ عَلَى ذَوِي الْأَنْسَابِ دُونَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَالْحُلَفَاءِ، عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ بَنِي أَبِيهِ ثُمَّ جَدِّهِ، ثُمَّ بَنِي جَدِّ أَبِيهِ.
وَأَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي تُؤَدَّى فِيهَا الدِّيَةُ فَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ وَوَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ:
أَنَّهَا تَتَأَدَّى فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَفِي الدِّيَةِ وَالْعَاقِلَةِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ تَعَرَّضَ لَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَمَعْنَى مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ: أَيْ مُؤَدَّاةٌ مَدْفُوعَةٌ إِلَى أَهْلِ الْمَقْتُولِ، أَيْ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ يَقْتَسِمُونَهَا كَالْمِيرَاثِ، لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ التَّرِكَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ، وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَهِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ شَرِيكٌ: لَا يُقْضَى مِنَ الدِّيَةِ دَيْنٌ، وَلَا تُنَفَّذُ مِنْهَا وَصِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَرِثُ كُلُّ وَارِثٍ مِنْهَا غَيْرَ الْقَاتِلِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أَيَ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ وُرَّاثُهُ عَنِ الدِّيَةِ فَلَا دِيَةَ. وَجَاءَ بِلَفْظِ التَّصَدُّقِ تَنْبِيهًا عَلَى فَضِيلَةِ الْعَفْوِ وَحَضًّا عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الصَّدَقَةِ، وَاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ الْآجِلِ بِهِ دُونَ طَلَبِ الْعَرَضِ الْعَاجِلِ، وَهَذَا حُكْمُ مَنْ قُتِلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ خَطَأً. وَفِي قَوْلِهِ: إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا، دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الدَّيْنِ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ خِلَافًا لِزُفَرَ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَقْبَلَ الْبَرَاءَةَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ: وَمَنْ قَتَلَ، وَتَرْتِيبُ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَدِيَةٍ عَلَى ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ هَكَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ذَلِكَ، وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَارِثُ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْكَفَّارَةُ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست