responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 193
الْآيَةِ عَلَى أَنَّ مُوَالَاةَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ لِقَبُولِ الْآيَةِ التَّقْسِيمَ فِي قَوْلِكَ:
مُتَوَالِيًا وَغَيْرَ مُتَوَالٍ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ: أَنَّهَا شَرْطٌ. وَعَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْأَفْعَالِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِعَطْفِهَا بِالْوَاوِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ شَرْطٌ وَاسْتِيفَاءُ حُجَجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَذْكُورَةٌ فِي الْفِقْهِ، وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِلنَّصِّ عَلَى الْأُذُنَيْنِ. فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ فَيُمْسَحَانِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هُمَا مِنَ الْوَجْهِ فَيُغْسَلَانِ مَعَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنَ الْوَجْهِ هُمَا عُضْوٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، لَيْسَا مِنَ الْوَجْهِ وَلَا مِنَ الرَّأْسِ، وَيُمْسَحَانِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ: مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مِنَ الْوَجْهِ وَمَا أَدْبَرَ مِنَ الرَّأْسِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ تُبْنَى فَرْضِيَّةُ الْمَسْحِ أَوِ الْغَسْلِ وَسُنِّيَّةُ ذَلِكَ.
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى ذَكَرَ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى، وَتَقَدَّمَ مَدْلُولُ الْجُنُبِ فِي وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ [1] وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُنُبَ مَأْمُورٌ بِالِاغْتِسَالِ. وَقَالَ عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ الْبَتَّةَ، بَلْ يَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَقَدْ رَجَعَا إِلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ وَالتَّطَهُّرَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْمَاءِ لِقَوْلِهِ: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً [2] أَيْ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْأَصَمُّ: إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالْغَسْلُ بِجَمِيعِ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ التَّطْهِيرِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ. وَلَا تَرْتِيبَ فِي الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ، وَلَا دَلْكَ، وَلَا مَضْمَضَةَ، وَلَا اسْتِنْشَاقَ، بَلِ الْوَاجِبُ تَعْمِيمُ جَسَدِهِ بِوُصُولِ الْمَاءِ إِلَيْهِ. وَقَالَ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ: يَجِبُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى الْغَسْلِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ:
تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى الْبَدَنِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ الدَّلْكُ، وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الظَّاهِرِيُّ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الِانْغِمَاسُ فِي الْمَاءِ دُونَ تَدُلُّكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَاللَّيْثُ، وَأَحْمَدُ: تَجِبُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِيهِ، وَزَادَ أَحْمَدُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ شَعْرُهُ مَفْتُولًا جِدًّا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى جِلْدَةِ الرَّأْسِ لَا يَجِبُ نَقْضُهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَاطَّهَرُوا بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ، وَأَصْلُهُ: تَطَهَّرُوا، فَأُدْغِمَ التَّاءُ فِي الطَّاءِ، وَاجْتُلِبَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ. وَقُرِئَ: فَأَطْهِرُوا بِسُكُونِ الطَّاءِ، وَالْهَاءُ مَكْسُورَةٌ مِنْ أَطْهَرَ رُبَاعِيًّا، أَيْ: فَأَطْهِرُوا أَبْدَانَكُمْ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ للتعدية.

[1] سورة النساء: 4/ 43.
[2] سورة المائدة: 5/ 6.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست