responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 187
الْمُرَيْسِيعِ وَهِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلَقِ، وَفِيهَا كَانَ هُبُوبُ الرِّيحِ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ:
لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَدِيثُ الْإِفْكِ.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ الْفَغْوِ وَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنَّهَا نَزَلَتْ رُخْصَةً لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدًا وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوُضُوءَ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ.
وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا افْتَتَحَ بِالْأَمْرِ بِإِيفَاءِ الْعُهُودِ، وَذَكَرَ تَحْلِيلًا وَتَحْرِيمًا فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَنْكَحِ وَاسْتَقْصَى ذَلِكَ، وَكَانَ الْمَطْعَمُ آكَدَ مِنَ الْمَنْكَحِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ النَّوْعَانِ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا الْجِسْمِيَّةِ وَمُهِمَّاتِهَا لِلْإِنْسَانِ وَهِيَ مُعَامَلَاتٌ دُنْيَوِيَّةٌ بَيْنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، اسْتَطْرَدَ مِنْهَا إِلَى الْمُعَامَلَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَمَّا كَانَ أَفْضَلَ الطَّاعَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ الصَّلَاةُ، وَالصَّلَاةُ لَا تُمْكِنُ إِلَّا بِالطَّهَارَةِ، بَدَأَ بِالطَّهَارَةِ وَشَرَائِطِ الْوُضُوءِ، وَذَكَرَ الْبَدَلَ عَنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ. وَلَمَّا كَانَتْ مُحَاوَلَةُ الصَّلَاةِ فِي الْأَغْلَبِ إِنَّمَا هِيَ بِقِيَامٍ، جَاءَتِ الْعِبَارَةُ: إِذَا قُمْتُمْ أَيْ: إِذَا أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ إِلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ. وَعَبَّرَ عَنْ إِرَادَةِ الْقِيَامِ بِالْقِيَامِ، إِذِ الْقِيَامُ مُتَسَبِّبٌ عَنِ الْإِرَادَةِ، كَمَا عَبَّرُوا عَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ فِي قَوْلِهِمْ: الْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِبْصَارِ، وَقَوْلُهُ: نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ [1] أَيْ قَادِرِينَ عَلَى الْإِعَادَةِ. وَقَوْلُهُ: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ [2] أَيْ إِذَا أَرَدْتَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَمَّا كَانَ الْفِعْلُ مُتَسَبِّبًا عَنِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ أُقِيمَ الْمُسَبَّبُ مَقَامَ السَّبَبِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، قَصَدْتُمُوهَا، لِأَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَى شَيْءٍ وَقَامَ إِلَيْهِ كَانَ قَاصِدًا لَهُ، فَعَبَّرَ عَنِ الْقَصْدِ لَهُ بِالْقِيَامِ إِلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مُتَطَهِّرًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا، وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: دَاوُدُ. وَرُوِيَ فِعْلُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ
وعكرمة. وقال ابن شيرين: كان الخلفاء يتوضؤون لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ:
إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْآيَةِ مِنْ مَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ إِلَّا عَلَى الْمُحْدِثِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ مُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [3] وَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنْ كُنْتُمْ مُحْدِثِينَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فَاغْسِلُوا هَذِهِ الْأَعْضَاءَ، وَامْسَحُوا هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ. وَإِنْ كُنْتُمْ مُحْدِثِينَ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ فَاغْسِلُوا جَمِيعَ الْجَسَدِ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ:
السُّدِّيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِذَا قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ يَعْنُونَ النَّوْمَ. وَقَالُوا: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَيْ: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ مِنَ النَّوْمِ، أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ، أَوْ لا مستم النساء

[1] سورة الأنبياء: 21/ 104. [.....]
[2] سورة النحل: 16/ 98.
[3] سورة المائدة: 5/ 6.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست