responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 172
مَنِ اعْتَبَرَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْمَيْتَةِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِذِكْرِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ عَلَى الْمَأْكُولِ كَالذَّكَاةِ، وَأَنَّ الْمَيْتَةَ مَا مَاتَتْ بِوَجَعٍ دُونَ سَبَبٍ يُعْرَفُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ، يَقْتَضِي أَنَّ مَا لَا يُدْرَكُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ كَالْجَنِينِ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ الْمَذْبُوحَةِ مَيْتًا، إِذَا كَانَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا فَيَنْدَرِجُ فِي عُمُومِ الْمَيْتَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ أَكْلِهِ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَنْبَطُوا مِنْهُ الْجَوَازَ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ لَا لَهُمْ. وَهُوَ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» الْمَعْنَى عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ ذَكَاةُ الْجَنِينِ مِثْلُ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَكَمَا أَنَّ ذَكَاتَهَا الذَّبْحُ فَكَذَلِكَ ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا لَكَانَ التَّرْكِيبُ ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاتُهُ.
وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: هِيَ حِجَارَةٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيُحِلُّونَ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ، الصَّنَمُ مُصَوَّرٌ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَذْبَحُ بِمَكَّةَ وَيَنْضَحُونَ بِالدَّمِ مَا أَقْبَلَ مِنَ الْبَيْتِ، وَيُشَرِّحُونَ اللَّحْمَ وَيَضَعُونَهُ عَلَى الْحِجَارَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نُعَظِّمَ هَذَا الْبَيْتَ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّسُولُ صَلَّى الله عليه وسلم فنزلت. وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَنَزَلَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا انْتَهَى. وَكَانَتْ لِلْعَرَبِ فِي بِلَادِهَا أَنْصَابٌ حِجَارَةٌ يَعْبُدُونَهَا، وَيُحِلُّونَ عَلَيْهَا أَنْصَابَ مَكَّةَ، وَمِنْهَا الْحَجَرُ الْمُسَمَّى بِسَعْدٍ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ جُزْءٌ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَكِنْ خُصَّ بِالذِّكْرِ بَعْدَ جِنْسِهِ لِشُهْرَةِ الْأَمْرِ وَشَرَفِ الْمَوْضِعِ وَتَعْظِيمِ النُّفُوسِ لَهُ. وَقَدْ يُقَالُ لِلصَّنَمِ أَيْضًا: نُصُبٌ، لِأَنَّهُ يُنْصَبُ انْتَهَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: النُّصُبُ بِضَمَّتَيْنِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: بِضَمِّ النُّونِ، وَإِسْكَانِ الصَّادِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: بِفَتْحَتَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ كَالْجُمْهُورِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِفَتْحِ النُّونِ، وَإِسْكَانِ الصَّادِ.
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَيْ: وَحَرَّمَ عَلَيْكُمُ الِاسْتِقْسَامَ بِالْأَزْلَامِ، وَهُوَ طَلَبُ مَعْرِفَةِ الْقِسْمِ، وَهُوَ النَّصِيبُ أَوِ الْقَسْمُ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:
مَعْنَاهُ أَنْ تَطْلُبُوا عَلَى مَا قُسِّمَ لَكُمْ بِالْأَزْلَامِ، أَوْ مَا لَمْ يُقَسَّمْ لَكُمْ انْتَهَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ كِعَابُ فَارِسَ وَالرُّومِ الَّتِي كَانُوا يَتَقَامَرُونَ بِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهَا سِهَامُ الْعَرَبِ، وَكِعَابُ فَارِسَ، وَقَالَ سُفْيَانُ وَوَكِيعٌ: هِيَ الشِّطْرَنْجُ. وَقِيلَ: الْأَزْلَامُ حَصًى كَانُوا يَضْرِبُونَ بِهَا، وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست