responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 157
السُّورَةِ أَحْكَامًا كَثِيرَةً هِيَ تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْمُجْمَلِ. قَالُوا: وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَرِيضَةً لَمْ يُبَيِّنْهَا فِي غَيْرِهَا، وَسَنُبَيِّنُهَا أَوَّلًا فَأَوَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَذَكَرُوا أَنَّ الْكِنْدِيَّ الْفَيْلَسُوفَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: أَيُّهَا الْحَكِيمُ اعْمَلْ لَنَا مِثْلَ هَذَا الْقُرْآنِ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَعْمَلُ مِثْلَ بَعْضِهِ، فَاحْتَجَبَ أَيَّامًا كَثِيرَةً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ، وَلَا يُطِيقُ هَذَا أَحَدٌ، إِنِّي فَتَحْتُ الْمُصْحَفَ فَخَرَجَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ نَطَقَ بِالْوَفَاءِ، وَنَهَى عَنِ النَّكْثِ، وَحَلَّلَ تَحْلِيلًا عَامًّا، ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي سَطْرَيْنِ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا إِلَّا فِي أَجْلَادٍ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّدَاءَ لِأُمَّةِ الرَّسُولِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ. وَأَمَرَ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِإِيفَاءِ الْعُقُودِ وَهِيَ جَمْعُ عَقْدٍ، وَهُوَ الْعَهْدُ، قَالَهُ: الْجُمْهُورُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْعُقُودُ أَوْكَدُ مِنَ الْعُهُودِ، وَأَصْلُهُ فِي الْأَجْرَامِ ثُمَّ تَوَسَّعَ فَأَطْلَقَ فِي الْمَعَانِي، وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: هُوَ الْعَهْدُ الْمُوَثَّقُ شُبِّهَ بِعَقْدِ الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ. قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
قَوْمٌ إِذَا عَقَدُوا عَقْدًا لِجَارِهِمُ ... شَدُّوا الْعِنَاجَ وَشَدُّوا فَوْقَهُ الْكَرَبَا
وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمُخْلِصِ وَالْمُظْهِرِ، وَعُمُومُ الْعُقُودِ فِي كُلِّ رَبْطٍ يُوَافِقُ الشَّرْعَ سَوَاءٌ كَانَ إِسْلَامِيًّا أَمْ جَاهِلِيًّا
وَقَدْ سَأَلَ فُرَاتُ بْنُ حَنَانٍ الْعِجْلِيُّ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: «لَعَلَّكَ تَسْأَلُ عَنْ حِلْفِ تَيْمِ اللَّهِ» قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ:
«لَا يَزِيدُهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِلْفِ الْفُضُولِ وَكَانَ شَهِدَهُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمُرَ النَّعَمِ وَلَوِ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ»
وَكَانَ هَذَا الْحِلْفُ أَنَّ قُرَيْشًا تَعَاقَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا مَظْلُومًا بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إِلَّا قَامُوا مَعَهُ حَتَّى تُرَدَّ مَظْلَمَتُهُ، وسميت ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ.
وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ، فَتَحَامَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي مَالٍ فَقَالَ: لَتُنْصِفَنِّي مِنْ حَقِّي وَإِلَّا أَخَذْتُ بِسَيْفِي، ثُمَّ لَأَقُومَنَّ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَأَدْعُوَنَّ بِحِلْفِ الْفُضُولِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَئِنْ دَعَانِي لَآخُذَنَّ سَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ مَعَهُ حَتَّى يَنْتَصِفَ مِنْ خَصْمِهِ، أَوْ نَمُوتَ جَمِيعًا. وَبَلَغَتِ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيَّ فَقَالَا مِثْلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ فَأَنْصَفَهُ.
وَيَنْدَرِجُ فِي هَذَا الْعُمُومِ كُلُّ عَقْدٍ مَعَ إِنْسَانٍ كَأَمَانٍ، وَدِيَةٍ، وَنِكَاحٍ، وَبَيْعٍ، وَشَرِكَةٍ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست