responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 142
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ هَذَا خِطَابٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ. وَإِنْ كَانَتِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةً فَالْمَأْمُورُ بِهِ أَمْرٌ عَامٌّ، وَلَوْ كَانَ خَاصًّا بِتَكْلِيفٍ مَا لَكَانَ النِّدَاءُ خَاصًّا بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الْغَالِبِ. وَالرَّسُولُ هَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وَالْحَقُّ هُوَ شَرْعُهُ، وَقَدْ فُسِّرَ بِالْقُرْآنِ وَبِالدِّينِ وَبِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ. وَفِي انْتِصَابِ خَيْرًا لَكُمْ هُنَا. وَفِي قَوْلِهِ: انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ فِي تَقْدِيرِ النَّاصِبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: مذهب الجليل، وَسِيبَوَيْهِ. وَأْتُوا خَيْرًا لَكُمْ، وَهُوَ فِعْلٌ يَجِبُ إِضْمَارُهُ. وَمَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ: يَكُنْ خَيْرًا لَكُمْ، وَيُضْمَرُ إِنْ يَكُنْ وَمَذْهَبُ الْفَرَّاءِ إِيمَانًا خَيْرًا لَكُمْ وَانْتِهَاءً خَيْرًا لَكُمْ، بِجَعْلِ خَيْرًا نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الَّذِي قَبْلَهُ. وَالتَّرْجِيحُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ.
وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذَا.
وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً عَلِيمًا بِمَا يَكُونُ مِنْكُمْ مِنْ كُفْرٍ وَإِيمَانٍ فَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ، حَكِيمًا فِي تَكْلِيفِكُمْ مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى بِمَا يكون منكم.
يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ قِيلَ: نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ قَالَهُ مُقَاتِلٌ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: فِي عَامَّةِ النَّصَارَى، فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الثَّالُوتَ يَقُولُونَ: الْأَبُ، وَالِابْنُ، وَرُوحُ الْقُدُسِ إِلَهٌ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، نَهَاهُمْ عَنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ. وَالْمَعْنَى: فِي دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ مَطْلُوبُونَ بِهِ، وَلَيْسَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى دِينِهِمُ الْمُضَلِّلِ، وَلَا أُمِرُوا بِالثُّبُوتِ عَلَيْهِ دُونَ غُلُوٍّ، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِتَرْكِ الْغُلُوِّ فِي دِينِ اللَّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَغَلَتِ الْيَهُودُ فِي حَطِّ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مَنْزِلَتِهِ حَيْثُ جَعَلَتْهُ مَوْلُودًا لِغَيْرِ رُشْدِهِ، وَغَلَتِ النَّصَارَى فِيهِ حَيْثُ جَعَلُوهُ إِلَهًا. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ خِطَابٌ لِلنَّصَارَى، بِدَلِيلِ آخِرِ الْآيَةِ. وَلَمَّا أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ شُبَهِ الْيَهُودِ الَّذِينَ يُبَالِغُونَ فِي الطَّعْنِ عَلَى الْمَسِيحِ أَخَذَ فِي أَمْرِ النَّصَارَى الَّذِينَ يُفَرِّطُونَ فِي تَعْظِيمِ الْمَسِيحِ حَتَّى ادَّعَوْا فِيهِ مَا ادَّعَوْا.
وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَهُوَ تَنْزِيهُهُ عَنِ الشَّرِيكِ وَالْوَلَدِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ.
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ
قَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا الْمِسِّيحُ عَلَى وَزْنِ السِّكِّيتِ.
وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْكَلِمَةِ فِي بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ [1] وَمَعْنَاهَا أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أَوْجَدَ هَذَا الْحَادِثَ فِي مَرْيَمَ وَحَصَّلَهُ فيها. وهذه

[1] سورة آل عمران: 3/ 45.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست