responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 133
الْغُلُوُّ: تَجَاوُزُ الْحَدِّ. وَمِنْهُ غَلَا السِّعْرُ وَغَلْوَةُ السَّهْمِ. الِاسْتِنْكَافُ: الْأَنَفَةُ وَالتَّرَفُّعُ، مِنْ نَكَفْتُ الدَّمْعَ إِذَا نَحَّيْتَهُ بأصبعك من خدك، وَمَنَعْتَهُ مِنَ الْجَرْيِ قَالَ:
فَبَاتُوا فَلَوْلَا مَا تَدَكَّرَ مِنْهُمُ ... مِنَ الْحَلْقِ لَمْ يَنْكَفْ بِعَيْنِكَ مَدْمَعُ
وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنِ الِاسْتِنْكَافِ فَقَالَ: هُوَ مِنَ النَّكْفِ، يُقَالُ: مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْأَمْرِ نَكْفٌ وَلَا وَكَفٌ، وَالنَّكْفُ أَنْ يُقَالَ لَهُ سُوءٌ، وَاسْتَنْكَفَ دَفَعَ ذَلِكَ السُّوءَ.
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ الْمَعْنَى: فبظلم عظيم، أو فيظلم أَيَّ ظُلْمٍ. وَحَذْفُ الصِّفَةِ لِفَهْمِ الْمَعْنَى جَائِزٌ كَمَا قَالَ: لَقَدْ وَقَعْتُ عَلَى لَحْمٍ أَيَّ لَحْمٍ مُتَّبَعٍ، وَيَتَعَلَّقُ بِحَرَّمْنَا. وَتَقَدَّمَ السَّبَبُ عَلَى الْمُسَبَّبِ تَنْبِيهًا عَلَى فُحْشِ الظُّلْمِ وَتَقْبِيحًا لَهُ وَتَحْذِيرًا مِنْهُ. وَالطَّيِّبَاتُ هِيَ مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا وحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ [1] الْأَلْبَانُ وَبَعْضُ الطَّيْرِ وَالْحُوتُ، وَأُحِلَّتْ لَهُمْ صِفَةُ الطَّيِّبَاتِ بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ. وَأَوْضَحَ ذَلِكَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ: طَيِّبَاتٍ كَانَتْ أُحِلَّتْ لَهُمْ.
وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً أَيْ نَاسًا كَثِيرًا، فَيَكُونُ كَثِيرًا مَفْعُولًا بِالْمَصْدَرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الطَّبَرِيُّ. قَالَ: صَدُّوا بِجَحْدِهِمْ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمْعًا عَظِيمًا مِنَ النَّاسِ، أو صدا كَثِيرًا. وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ زَمَانًا كثيرا.
وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَهَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ تُفِيدُ تَأْكِيدَ قُبْحِ فِعْلِهِمْ وَسُوءِ صَنِيعِهِمْ، إِذْ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ يَجِبُ أَنْ يُبْعَدَ عَنْهُ. قَالُوا: وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ.
وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ أَيِ الرُّشَا الَّتِي كَانُوا يَأْخُذُونَهَا مِنْ سِفْلَتِهِمْ فِي تَحْرِيفِ الْكِتَابِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ فُصِّلَتْ أَنْوَاعُ الظُّلْمِ الْمُوجِبِ لِتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ. قِيلَ: كَانُوا كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ بَعْضُ الطَّيِّبَاتِ، وَأُهْمِلَ هُنَا تَفْصِيلُ الطَّيِّبَاتِ، بَلْ ذُكِرَتْ نَكِرَةً مُبْهَمَةً. وَفِي الْمَائِدَةِ فَصَّلَ أَنْوَاعَ مَا حَرَّمَ وَلَمْ يُفَصِّلِ السَّبَبَ. فَقِيلَ: ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ، وَأُعِيدَتِ الْبَاءُ فِي: وَبِصَدِّهِمْ [2] لِبُعْدِهِ عَنِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالْفَصْلِ بِمَا لَيْسَ مَعْمُولًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، بَلْ فِي الْعَامِلِ فِيهِ. وَلَمْ يَعُدْ فِي: وَأَخْذِهِمُ [3] وَأَكْلِهِمْ لِأَنَّ الْفَصْلَ وَقَعَ بِمَعْمُولِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَنَظِيرُ إِعَادَةِ الْحَرْفِ وَتَرْكِ إِعَادَتِهِ قَوْلُهُ: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ «4»

[1] سورة النساء: 4/ 160.
[2] سورة النساء: 4/ 160.
[3] سورة النساء: 4/ 160.
(4) سورة النساء: 4/ 155.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست