responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 12
وَكَثُرَ نَاصِرُهُ نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا بِمَا فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ انْتَهَى. وَقِيلَ: هُمْ خُزَاعَةُ وَخُزَيْمَةُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ. وَالَّذِينَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ هُمْ، بَنُو مُدْلِجٍ، اتَّصَلُوا بِقُرَيْشٍ. وَبِهِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْكُفَّارِ اعْتَزَلُوا الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ الْكَافِرِينَ، وَلَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْقِتَالِ.
وَأَصْلُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، وَظَاهِرُ الْآيَةِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ. وَالْمَعْنَى: إِلَّا الْكُفَّارَ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ مُعَانِدِينَ، أَوْ يَصِلُونَ إلى قوم جاؤوكم غَيْرَ مُقَاتِلِينَ وَلَا مُقَاتِلِي قومهم. إن كان جاؤوكم عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ صِفَةِ قَوْمٍ، وَكِلَا الْعَطْفَيْنِ جَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ، إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَارَا الْعَطْفَ عَلَى الصِّلَةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْعَطْفَ عَلَى الصِّلَةِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِهِ: بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ، وَالْمَعْنَى فِي الْعَطْفَيْنِ مُخْتَلِفٌ انْتَهَى. وَاخْتِلَافُهُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى إِمَّا أَنْ يَكُونَا صِنْفَيْنِ وَاصِلًا إِلَى مُعَاهَدٍ، وَجَائِيًا كَافًّا عَنِ الْقِتَالِ. أَوْ صِنْفًا وَاحِدًا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ مُعَاهَدٍ أَوْ كَافٍّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا أَيْضًا حُكْمٌ، كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْكِمَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ الْمُشْرِكُ إِذَا جَاءَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسَالِمًا كَارِهًا لِقِتَالِ قَوْمِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ قَوْمِهِ، لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ. وَهَذِهِ نُسِخَتْ أَيْضًا بِمَا فِي بَرَاءَةَ انْتَهَى.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْوَجْهُ العطف على الصلة لِقَوْلِهِ: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ [1] الْآيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ، فَقَرَّرَ أَنَّ كَفَّهُمْ عَنِ الْقِتَالِ أَحَدُ سَبَبَيِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِنَفْيِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ، وَتَرْكِ الْإِيقَاعِ بِهِمْ. (فَإِنْ قُلْتَ) : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاتِّصَالَيْنِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَاسْتِحْقَاقُ تَرْكِ التَّعَرُّضِ الِاتِّصَالُ بِالْمُعَاهَدِينَ وَالِاتِّصَالُ بِالْكَافِّينَ، فَهَلَّا جَوَّزْتَ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى صِفَةِ قَوْمٍ، وَيَكُونَ قَوْلُهُ: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ تَقْرِيرًا لِحُكْمِ اتِّصَالِهِمْ بِالْكَافِّينِ، وَاخْتِلَاطِهِمْ فِيهِمْ، وَجَرْيِهِمْ عَلَى سَنَنِهِمْ؟ (قُلْتُ) : هُوَ جَائِزٌ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أظهر وأجرى على أسلوب الْكَلَامِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا كَانَ أظهروا وَأَجْرَى عَلَى أُسْلُوبِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُحَدَّثٌ عَنْهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَإِذَا عُطِفَتْ عَلَى الصِّلَةِ كَانَ مُحَدَّثًا عَنْهُ، وَإِذَا عُطِفَتْ عَلَى الصِّفَةِ لَمْ يَكُنْ مُحَدَّثًا عَنْهُ، إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ تَقْيِيدًا فِي قَوْمِ الَّذِينَ هُمْ قَيْدٌ فِي الصِّلَةِ الْمُحَدَّثِ عَنْ صَاحِبِهَا، وَمَتَى دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النِّسْبَةُ إِسْنَادِيَّةً فِي الْمَعْنَى، وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ تَقْيِيدِيَّةً، كَانَ حَمْلُهَا عَلَى الْإِسْنَادِيَّةِ أَوْلَى لِلِاسْتِثْقَالِ الْحَاصِلِ

[1] سورة النساء: 4/ 90.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست