responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 109
يُقْبِلَ إِلَى صَلَاتِهِ بِنَشَاطٍ وفراغ قَلْبٍ وَتَمَهُّلٍ فِي فِعْلِهَا، وَلَا يَتَقَاعَسُ عَنْهَا فِعْلَ الْمُنَافِقِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَى كُرْهٍ لَا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَرَغْبَةٍ. وَمَا زَالَ فِي كُلِّ عَصْرٍ مُنَافِقُونَ يَتَسَتَّرُونَ بِالْإِسْلَامِ، وَيَحْضُرُونَ الصَّلَوَاتِ كَالْمُتَفَلْسِفِينَ الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرِنَا هَذَا، وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا إِلَيْهِمْ فِي شِعْرٍ قَالَهُ وَضَمَّنَ فِيهِ بَعْضَ الْآيَةِ، فَقَالَ فِي أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ مُتَفَلْسِفَةِ الْإِسْلَامِ:
لِأَشْيَاعِ الْفَلَاسِفَةِ اعْتِقَادُ ... يَرَوْنَ به عن الشرع انْحِلَالًا
أَبَاحُوا كُلَّ مَحْظُورٍ حَرَامٍ ... وَرَدُّوهُ لِأَنْفُسِهِمْ حَلَالًا
وَمَا انْتَسَبُوا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا ... لِصَوْنِ دِمَائِهِمْ أَنْ لَا تُسَالَا
فَيَأْتُونَ الْمَنَاكِرَ فِي نَشَاطٍ ... وَيَأْتُونَ الصَّلَاةَ وَهُمْ كُسَالَى
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كُسَالَى بِضَمِّ الْكَافِ، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ: كَسَالَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَأَسَدٍ. وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْفَعِ: كَسْلَى عَلَى وَزْنِ فَعْلَى، وُصِفَ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ الْمُفْرَدُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْجَمَاعَةِ كقراءة: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
«1» .
يُراؤُنَ النَّاسَ
أَيْ يَقْصِدُونَ بِصَلَاتِهِمُ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ وَأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ. وَهِيَ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ، يُرِي الْمُرَائِي النَّاسَ تَجَمُّلَهُ بِأَفْعَالِ الطَّاعَةِ، وَهُمْ يُرُونَهُ اسْتِحْسَانَ ذَلِكَ الْعَمَلِ. وَقَدْ يَكُونُ مِنْ بَابِ فَاعَلَ بِمَعْنَى فَعَلَ، نَحْوَ نِعْمَةٍ وَنَاعِمَةٍ. وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ: رَأَتِ الْمَرْأَةُ الْمِرْآةَ إِذَا أَمْسَكَتْهَا لِتَرَى وَجْهَهَا. وَقُرِئَ: يرؤن بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ مُشَدَّدَةٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالْوَاوِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهِيَ أَقْوَى فِي المعنى من يراؤون، لِأَنَّ مَعْنَاهَا يَحْمِلُونَ النَّاسَ عَلَى أَنْ يَرَوْهُمْ وَيَتَظَاهَرُونَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ يُبْطِنُونَ النِّفَاقَ. وَنَسَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَرَأَ: يرؤنهم هَمْزَةٌ مُشَدَّدَةٌ مِثْلَ: يُرَعُّونَهُمْ أي يبصرونهم أعمالهم، ويراؤونهم كَذَلِكَ.
وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
قَالَ الْحَسَنُ: قُلْ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ لِغَيْرِ اللَّهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا مَعْنَاهُ إِنَّمَا قَلَّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَمَا رَدَّهُ اللَّهُ فَكَثِيرُهُ قَلِيلٌ، وَمَا قَبِلَهُ فَقَلِيلُهُ كَثِيرٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خَوْضِهِمْ فِي الْبَاطِلِ وَقَوْلِهِمُ الزُّورَ وَالْكُفْرَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِلَّا قَلِيلًا، لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ قَطُّ غَائِبِينَ عَنْ عُيُونِ النَّاسِ إِلَّا مَا يُجَاهِرُونَ بِهِ، وَمَا يُجَاهِرُونَ بِهِ قَلِيلٌ، لِأَنَّهُمْ مَا وَجَدُوا مَنْدُوحَةً مِنْ تَكَلُّفِ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ لم يتكلفوه، أولا يذكرون الله بالتسبيح

(1) سورة الحج: 22/ 2.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست