responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 693
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى جَلَالَةِ الرُّسُلِ، وَأَنَّ الْعَالَمَ يَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُمْ، وَالرَّسُولُ مِنْهُمْ تَجِبُ طَاعَتُهُ. وَلَامُ لِيُطَاعَ لَامُ كَيْ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنَ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا لِأَجْلِ الطَّاعَةِ. وَبِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ بِأَمْرِهِ، قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ. أَوْ بِعِلْمِهِ وَتَوْفِيقِهِ وَإِرْشَادِهِ. وَحَقِيقَةُ الْإِذْنِ التَّمْكِينُ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ مَا مُكِّنَ فِيهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ بِإِذْنِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِيُطَاعَ. وَقِيلَ: بِأَرْسَلْنَا أَيْ: وَمَا أَرْسَلْنَا بِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ: بِشَرِيعَتِهِ، وَدِينِهِ وَعِبَادَتِهِ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعَلَى التَّعْلِيقَيْنِ فَالْكَلَامُ عَامُّ اللَّفْظِ، خَاصُّ الْمَعْنَى، لِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَرَادَ مِنْ بَعْضِ خَلْقِهِ أَنْ لَا يُطِيعُوهُ، وَلِذَلِكَ خَرَّجَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَى الْإِذْنِ إِلَى الْعِلْمِ، وَطَائِفَةٌ خَرَّجَتْهُ إِلَى الْإِرْشَادِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ حَسَنٌ. لِأَنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ مِنْ أَحَدٍ أَنَّهُ يُؤْمِنُ وَفَّقَهُ لِذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ انْتَهَى. وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ عَامُّ اللَّفْظِ خَاصُّ الْمَعْنَى، لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِيُطَاعَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ أَنْ يَكُونَ عَامًّا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لِيُطِيعَهُ الْعَالَمُ، بَلِ الْمَحْذُوفُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَاصًّا لِيُوَافِقَ الْمَوْجُودَ، فَيَكُونَ أَصْلَهُ: إِلَّا لِيُطِيعَهُ مَنْ أَرَدْنَا طَاعَتَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الرَّازِيُّ: وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا رَسُولَ إِلَّا وَمَعَهُ شَرِيعَةٌ لِيَكُونَ مُطَاعًا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ، وَمَتْبُوعًا فِيهَا، إِذْ لَوْ كَانَ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُطَاعًا، بَلِ الْمُطَاعُ هُوَ الرَّسُولُ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي هُوَ الْوَاضِعُ لِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى كُلِّ رَسُولٍ بِأَنَّهُ مُطَاعٌ انْتَهَى. وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ:
الْوَاضِعُ لِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: الَّذِي جَاءَ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِسُخْطِهِمْ لِقَضَائِكَ أَوْ بِتَحَاكُمِهِمْ إِلَى الطَّاغُوتِ، أَوْ بِجَمِيعِ مَا صَدَرَ عَنْهُمْ مِنَ الْمَعَاصِي. جاؤوك فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ بِالْإِخْلَاصِ، وَاعْتَذَرُوا إِلَيْكَ. وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ أَيْ: شَفَعَ لَهُمُ الرَّسُولُ فِي غُفْرَانِ ذُنُوبِهِمْ. وَالْعَامِلُ في إذ جاؤوك، وَالْتَفَتَ فِي قَوْلِهِ: وَاسْتَغْفَرَ لهم الرسول، ولم يجىء عَلَى ضَمِيرِ الْخِطَابِ فِي جاؤوك تَفْخِيمًا لِشَأْنِ الرَّسُولِ، وَتَعْظِيمًا لِاسْتِغْفَارِهِ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ شَفَاعَةَ مَنِ اسْمُهُ الرَّسُولُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَكَانٍ، وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ الشَّرِيفَ وَهُوَ إِرْسَالُ اللَّهِ إِيَّاهُ مُوجِبٌ لِطَاعَتِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [1] وَمَعْنَى وَجَدُوا:
عَلِمُوا، أَيْ: بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ قَبِلَ توبتهم ورحمهم.

[1] سورة النساء: 4/ 64.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 693
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست