responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 757
التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ [1] وَقِيلَ: الْكَلَامُ فِي عِرْفَانِ الْحَقِّ لِذَاتِهِ، وَعُرْفَانِ الْخَيْرِ لِلْعَمَلِ بِهِ وَاسْتِكْمَالِ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ بِالْعِلْمِ، وَالْقُوَّةِ العملية يفعل الخيرات، والأولى أشرف، فبدىء بِهَا، وَهُوَ: الْإِيمَانُ الْمَذْكُورُ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَقِيلَ: لِلْإِنْسَانِ مَبْدَأٌ وَحَالٌ وَمَعَادٍ، فَالْإِيمَانُ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَبْدَأِ، وَ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالِ، وَ: غُفْرَانَكَ، وَمَا بَعْدَهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعَادِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: وَكِتَابِهِ، عَلَى التَّوْحِيدِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ: وَكُتُبِهِ، عَلَى الْجَمْعِ.
فَمَنْ وَحَّدَ أَرَادَ كُلَّ مَكْتُوبٍ، سُمِّيَ الْمَفْعُولُ بِالْمَصْدَرِ، كَقَوْلِهِمْ: نَسْجُ الْيَمَنِ أَيْ: مَنْسُوجُهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْإِفْرَادَ لَيْسَ كَإِفْرَادِ الْمَصَادِرِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْكَثِيرُ، كَقَوْلِهِ وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً [2] وَلَكِنَّهُ، كَمَا تُفْرَدُ الْأَسْمَاءَ الَّتِي يُرَادُ بِهَا الْكَثْرَةُ، نَحْوُ: كَثُرَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ، وَمَجِيئُهَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَكْثَرُ مِنْ مَجِيئِهَا مُضَافَةً، وَمِنَ الْإِضَافَةِ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها «3»
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا»
. يُرَادُ بِهِ: الْكَثِيرُ، كَمَا يُرَادُ بِمَا فِيهِ لَامُ التَّعْرِيفِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَعُمُّ أَكْثَرَ مِنَ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكِتِابِهِ، يُرِيدُ الْقُرْآنَ. أَوِ الْجِنْسَ، وَعَنْهُ: الْكِتَابُ أَكْثَرُ مِنَ الْكُتُبِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ الْوَاحِدُ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمْعِ؟.
قُلْتُ: لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِالْوَاحِدِ الْجِنْسُ، وَالْجِنْسِيَّةُ، قَائِمَةٌ فِي وَحَدَانِ الْجِنْسِ كُلِّهَا، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَلَا يُدْخِلُ تَحْتَهُ إِلَّا مَا فِيهِ الْجِنْسِيَّةُ مِنَ الْجُمُوعِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ، لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أُضِيفَ أَوْ دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ الْجِنْسِيَّةُ صَارَ عَامًّا، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ دَلَالَةٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، فَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ عَبِيدِي، يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّ عَبْدٍ عَبْدٍ، وَدَلَالَةُ الْجَمْعِ أَظْهَرُ فِي الْعُمُومِ مِنَ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَمِ الْإِضَافَةُ، بَلْ لَا يُذْهَبُ إِلَى الْعُمُومِ فِي الْوَاحِدِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ، كَأَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ، أَوْ يُوَصَفُ بِالْجَمْعِ، نَحْوُ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [4] و: أَهْلَكَ النَّاسَ الدِّينَارُ الصُّفْرُ وَالدِّرْهَمُ الْبِيضُ، أَوْ قَرِينَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ نَحْوُ: نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ، وَأَقْصَى حَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْجَمْعِ العام إذا

[1] سورة البقرة: 2/ 285، والنساء: 4/ 46. [.....]
[2] سورة الفرقان: 25/ 14.
(3) سورة إبراهيم: 14/ 34.
[4] سورة العصر: 103/ 2 و 3.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 757
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست