responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 735
وَ: تُذَكِّرَ، يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى الشَّهَادَةَ، وَفِي قَوْلِهِ فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ شَرْطِ جَوَازِ إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الشَّاهِدِ لَهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى الْخَطِّ، إِذِ الْخَطُّ وَالْكِتَابَةُ مَأْمُورٌ بِهِ لِتَذَكُّرِ الشَّهَادَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [1] وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا فَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ: إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ بِالشَّهَادَةِ فَلَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى، إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ، وَلَا يَذْكُرُ عَدَدَ الدَّرَاهِمِ، فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ.
وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا مَا دُعُوا قَالَ قَتَادَةُ: سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَطُوفُ فِي الْحِرَاءِ الْعَظِيمِ، فِيهِ الْقَوْمُ، فَلَا يَتْبَعُهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ: أَنَّ الْمَعْنَى: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذَا مَا دُعُوا لَهَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ وَغَيْرُهُمْ. وَهَذَا النَّهْيُ لَيْسَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ. قَالَهُ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ إِذَا كَانُوا قَدْ شَهِدُوا قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَلَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ زَيْدٍ. وَرَوَى النِّقَاشُ: هَكَذَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ فَيَكُونُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَالْحَسَنُ، وَالسُّدِّيُّ: هِيَ فِي التَّحَمُّلِ وَالْإِقَامَةِ إِذَا كَانَ فَارِغًا، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْآيَةُ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، جَمَعَتِ الْأَمْرَيْنِ، وَالْمُسْلِمُونَ مَنْدُوبُونَ إِلَى مُعَاوَنَةِ إِخْوَانِهِمْ، فَإِذَا كَانَتِ الْفُسْحَةُ فِي كَثْرَةِ الشُّهُودِ، وَالْأَمْنِ مِنْ تَعْطِيلِ الْحَقِّ، فَالْمَدْعُوُّ مَنْدُوبٌ، وَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِأَدْنَى عُذْرٍ وَأَنْ يَتَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ، وَخِيفَ تَعْطِيلُ الْحَقِّ أَدْنَى خَوْفٍ، قَوِيَ النَّدْبُ وَقَرُبَ مِنَ الْوُجُوبِ. وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَقَّ يَذْهَبُ وَيَتْلَفُ بِتَأَخُّرِ الشَّاهِدِ عَنِ الشَّهَادَةِ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ مُحَصَّلَةً. وَكَانَ الدُّعَاءُ إِلَى أَدَائِهَا، فَإِنَّ هَذَا الطَّرَفَ آكَدُ، لِأَنَّهَا قِلَادَةٌ فِي الْعُنُقِ وَأَمَانَةٌ تَقْتَضِي الأداء. انتهى.

[1] سورة الزخرف: 43/ 86.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 735
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست