responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 730
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ قِيلَ: هَذَا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: رِجَالِكُمْ، عَلَى تَكْرِيرِ الْعَامِلِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، لِأَنَّ الْوَصْفَ يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَوْصُوفِ، فَيَكُونُ قَدِ انْتَفَى هَذَا الْوَصْفُ عَنْ شَهِيدَيْنِ، وَلِأَنَّ الْبَدَلَ يُؤْذِنُ بِالِاخْتِصَاصِ بِالشَّهِيدَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَعَرِيَ عَنْهُ: رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَالَّذِي يَظْهُرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَاسْتَشْهِدُوا، أَيْ: وَاسْتَشْهِدُوا مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، لِيَكُونَ قَيْدًا فِي الْجَمِيعِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ مُتَأَخِّرًا بَعْدَ ذِكْرِ الْجَمِيعِ، وَالْخِطَابُ فِي تَرْضَوْنَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ فِي الشُّهُودِ مَنْ لَا يَرْضَى، فَيَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَحْمُولِينَ عَلَى الْعَدَالَةِ حَيْثُ تَثْبُتُ لَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ بِكِيرٍ وَغَيْرُهُ: الْخِطَابُ لِلْحُكَّامِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَلَبِّسُ بِهَذِهِ الْقَضَايَا هُمُ الْحُكَّامُ، وَلَكِنْ يَجِيءُ الْخِطَابُ عَامًّا وَيَتَلَبَّسُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالْكَفَاءَةِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مِمَّنْ لَمْ يَطْعَنْ فِي فَرْجٍ وَلَا بَطْنٍ، وَفَسَّرَ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفِ امْرَأَةً وَلَا رَجُلًا، وَلَمْ يَطْعَنْ فِي نَسَبٍ. وَرُوِيَ: مَنْ لَمْ يُطْعَنْ عَلَيْهِ فِي فَرْجٍ وَلَا بَطْنٍ، وَمَعْنَاهُ:
لَا يُنْسَبُ إِلَى رِيبَةٍ، وَلَا يُقَالُ إِنَّهُ ابْنُ زِنَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ خَرِبَةٌ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: مَنْ لَا رِيبَةَ فِيهِ. وَقَالَ الْخَصَّافُ: مَنْ غَلَبَتْ حَسَنَاتُهُ سَيِّآتِهِ مَعَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ.
وَقِيلَ: الْمَرَضِيُّ مِنَ الشُّهُودِ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ حُرًّا، بَالِغًا، مُسْلِمًا، عَدْلًا، عَالِمًا بِمَا يَشْهَدُ بِهِ، لَا يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لِنَفْسِهِ، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مَضَرَّةً، وَلَا يَكُونُ مَعْرُوفًا بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ، وَلَا بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ.
وَذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْحُدُودُ، وَمَا يَجِبُ فِيهَا مِنَ الْعَظَائِمِ، وَأَدَّى الْفَرَائِضَ وَأَخْلَاقُ الْبِرِّ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْمَعَاصِي الصِّغَارِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَبْدٌ مِنْ ذَنْبٍ، وَلَا تُقْبَلْ شَهَادَةُ مَنْ ذُنُوبُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخْلَاقِ الْبِرِّ، وَلَا مَنْ يَلْعَبُ بِالشَّطْرَنْجِ يُقَامِرُ عَلَيْهَا، وَلَا مَنْ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ وَيُطَيِّرُهَا، وَلَا تَارِكِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي جَمَاعَةٍ اسْتِخْفَافًا أَوْ مَجَانَةً أَوْ فِسْقًا، لَا أَنْ تَرَكَهَا عَلَى تَأْوِيلٍ، وَكَانَ عَدْلًا، وَمَنْ يُكْثِرُ الْحَلِفَ بِالْكَذِبِ، وَلَا مُدَاوِمٍ عَلَى تَرْكِ رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ، وَلَا مَعْرُوفٍ بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ، وَلَا مُظْهِرِ شَتِيمَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَتَّامِ النَّاسِ وَالْجِيرَانِ، وَلَا مَنِ اتَّهَمَهُ النَّاسُ بِالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ، وَلَا مُتَّهَمٍ بِسَبِّ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَقُولُوا: سَمِعْنَاهُ يَشْتُمُ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 730
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست