responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 723
يَحْصُلُ بِهِ تَنْقِيصُ الْمَالِ، نَبَّهَ عَلَى طَرِيقٍ حَلَالٍ فِي تَنْمِيَةِ الْمَالِ وَزِيَادَتِهِ، وَأَكَّدَ فِي كَيْفِيَّةِ حِفْظِهِ، وَبَسَطَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمَرَ فِيهَا بِعِدَّةِ أَوَامِرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَذَكَرَ قَوْلَهُ: بِدَيْنٍ، لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: فَاكْتُبُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا مِنْ:
تَدَايَنْتُمْ، أَوْ لِإِزَالَةِ اشْتِرَاكِ: تَدَايَنَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ تُدَايِنُوا، أَيْ جَازَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا قَالَ:
بِدَيْنٍ، دَلَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى. أَوْ لِلتَّأْكِيدِ، أَوْ لِيَدُلَّ عَلَى أَيِّ دَيْنٍ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ.
إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَيْسَ هَذَا الْوَصْفُ احْتِرَازًا مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، بَلْ لَا يَقَعُ الدَّيْنُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَأَمَّا الآجال المجهولة فلا تجوز، وَالْمُرَادُ بِالْمُسَمَّى الْمُوَقَّتُ الْمَعْلُومُ، نحو التوقيت بالنسبة وَالْأَشْهُرِ وَالْأَيَّامِ، وَلَوْ قَالَ: إِلَى الْحَصَادِ، أَوْ إِلَى الدِّيَاسِ، أَوْ رُجُوعِ الْحَاجِّ، لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ، و: إلى أَجَلٍ، مُتَعَلِّقٌ: بِتَدَايَنْتُمْ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ: بِدَيْنٍ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ.
فَاكْتُبُوهُ أَمَرَ تَعَالَى بِكِتَابَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَوْثَقُ وَآمَنُ مِنَ النِّسْيَانِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الْجُحُودِ.
وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الطَّبَرِيُّ، وَأَهَّلُ الظَّاهِرِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ يُحْفَظُ بِهِ الْمَالُ، وَتُزَالُ بِهِ الرِّيبَةَ، وَفِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِهِ وَحِفْظِهِ، فَإِنَّ الْكِتَابَ خَلِيفَةُ اللِّسَانِ، وَاللِّسَانَ خَلِيفَةُ الْقَلْبِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ زَيْدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ: فَاكْتُبُوهُ وَقَالَ الرَّبِيعُ وَجَبَ بِقَوْلِهِ:
فَاكْتُبُوهُ، ثُمَّ خُفِّفَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَمِنَ.
وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَهَذَا الْأَمْرُ قِيلَ: عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ، قَالَ عَطَاءٌ، وَغَيْرُهُ: يَجِبُ عَلَى الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، أَيْضًا: إِذَا لَمْ يُوجَدْ كَاتِبٌ سِوَاهُ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ وَاجِبٌ مَعَ الْفَرَاغِ. وَاخْتَارَ الرَّاغِبُ أَنَّ الصَّحِيحَ كَوْنُ الْكِتَابَةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَقَالَ: الْكِتَابَةُ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، فقد تجب على الكتابة إِذَا أَتَوْهُ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى فَاعِلِهَا، فَقَدْ يَجِبُ عَلَى الْعَالِمِ تَبْيِينُهَا إِذَا أَتَاهُ مُسْتَفْتٍ.
وَمَعْنَى: بَيْنَكُمْ، أَيْ: بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْمُسْتَدِينِ، وَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْمُقْرِضِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 723
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست