responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 714
من الله ورسوله، ومن ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَالَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِشَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ خَرَجَ مِنَ الْمِلَّةِ كَمَا لَوْ كَفَرَ بِجَمِيعِهَا.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ الْبُرْجُمِيِّ، وَابْنِ غَالِبٍ عَنْهُ: فَآذَنُوا، أَمْرٌ مِنْ: آذَنَ الرُّبَاعِيِّ بِمَعْنَى: أَعْلَمُ، مِثْلَ قَوْلِهِ: فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ [1] .
وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ: فَأْذَنُوا، أَمْرٌ مِنْ: أَذِنَ، الثُّلَاثِيِّ، مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ [2] .
وَقَرَأَ الْحَسَنُ: فَأَيْقِنُوا بِحَرْبٍ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هُوَ لِمَنْ صَدَرَتِ الْآيَةُ بِذِكْرِهِ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا، فَعَلَى هَذَا الْمُحَارَبَةُ ظَاهِرَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْإِعْلَامُ أَوِ الْعِلْمُ بِالْحَرْبِ جَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّهْدِيدِ دُونَ حَقِيقَةِ الْحَرْبِ، كَمَا
جَاءَ: «مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدَ آذَنَنِي بِالْمُحَارَبَةِ»
. وَقِيلَ: الْمُرَادُ نَفْسُ الْحَرْبِ.
وَنَقُولُ: الْإِصْرَارُ عَلَى الرِّبَا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، قَبَضَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَعَزَّرَهُ وَحَبَسَهُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ التَّوْبَةُ، أَوْ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، حَارَبَهُ كَمَا تُحَارَبُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ عَامَلَ بِالرِّبَا يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى مَنْ يَكُونُ مُسْتَبِيحًا لِلرِّبَا، مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: فَإِنْ لَمْ تَنْتَهُوا حَارَبَكُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَأَنْتُمْ حَرْبُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَيْ: أَعْدَاءٌ.
وَالْحَرْبُ دَاعِيَةُ الْقَتْلِ، وَقَالُوا: حَرْبُ اللَّهِ النَّارُ، وَحَرْبُ رَسُولِهِ السَّيْفُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ: «يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلَاحَكَ لِلْحَرْبِ» . وَالْبَاءُ فِي بِحَرْبٍ عَلَى قِرَاءَةِ الْقَصْرِ لِلْإِلْصَاقِ، تَقُولُ: أَذِنَ بِكَذَا، أَيْ: عَلِمَ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى فَاسْتَيْقِنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهُوَ مِنَ الْأُذُنِ، وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ. انْتَهَى.
وَقِرَاءَةُ الْحَسَنِ تُقَوِّي قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِالْقَصْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ عِنْدِي مِنَ الْإِذْنِ، وَإِذَا أَذِنَ الْمَرْءُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ قَرَّرَهُ وَبَنَى مَعَ نَفْسِهِ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: قَرِّرُوا الْحَرْبَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الله ورسوله.

[1] سورة الأنبياء: 21/ 109.
[2] سورة النبأ: 78/ 38.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 714
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست