responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 71
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ، وَخَتَمَ بِهِمَا تَرْغِيبًا فِي التَّوْبَةِ وَإِشْعَارًا بِأَنَّ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ هُمَا لَهُ، فَمَنْ رَجَعَ إِلَيْهِ عَطَفَ عَلَيْهِ وَرَحِمَهُ.
وَذَكَرُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ جُمْلَةً، مِنْهَا أَنَّ كِتْمَانَ الْعِلْمِ حَرَامٌ، يَعْنُونَ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ لِقَوْلِهِ: مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ لَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَيِّنًا لِذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أُمُورِ الشَّرَائِعِ، فَلَا تَحَرُّجَ فِي كَتْمِهَا.
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً.
وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «حَدِّثِ النَّاسَ بِمَا يَفْهَمُونَ» .
أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ قَالُوا: وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْمُسْتَنْبَطُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُحَرَّجُ عَلَيْهِ، كَمَا فَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ، مَا لَمْ يُسْأَلْ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: تَحْرِيمُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْقُرْآنَ حَتَّى يُسْلِمَ، وَلَا تَعْلِيمُ الْخَصْمِ حُجَّةً عَلَى خَصْمِهِ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَهُ، وَلَا السُّلْطَانَ تَأْوِيلًا يَتَطَرَّقُ بِهِ إِلَى مَكَارِهِ الرَّعِيَّةِ، وَلَا تَعْلِيمُ الرُّخَصِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهَا تُجْعَلُ طَرِيقًا إِلَى ارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ. وَمِنْهَا: وُجُوبُ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إِلَّا وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبُولُ قَوْلِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى يَعُمُّ الْمَنْصُوصَ وَالْمُسْتَنْبَطَ وَجَوَازُ لَعْنِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا فَائِدَةَ فِي لَعْنِ مَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ مِنَ الْكُفَّارِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ الْكُفَّارِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِهَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ الْمُعَيَّنُ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ. وَقَدْ لَعَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُومًا بِأَعْيَانِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي جَوَازُ لَعْنِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ الْعَاصِي وَالْمُتَجَاهِرِ بِالْكَبَائِرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ خِلَافًا، وَبَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا، فَأَجَازَهُ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ التَّوْبَةَ الْمُعْتَبَرَةَ شَرَّعَا أَنْ يُظْهِرَ التَّائِبُ خِلَافَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا، فَبِالرُّجُوعِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِظْهَارِ شَرَائِعِهِ، أَوْ عَاصِيًا، فَبِالرُّجُوعِ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَمُجَانَبَةِ أَهْلِ الْفَسَادِ. وَأَمَّا التَّوْبَةُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ، أَوْ عَنْ ذَنْبٍ وَاحِدٍ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَوْبَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي التَّوْبَةِ مُشَبَّعًا.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ: لَمَّا ذَكَرَ حَالَ مَنْ كَتَمَ الْعِلْمَ وَحَالَ مَنْ تَابَ، ذَكَرَ حَالَ مَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْكُفْرِ، وَبَالَغَ فِي اللَّعْنَةِ، بِأَنْ جَعَلَهَا مُسْتَعْلِيَةً عَلَيْهِ، وَقَدْ تَجَلَّلَتْهُ وَغَشِيَتْهُ، فَهُوَ تَحْتَهَا، وَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: هِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزِلَ اللَّهُ فِي الْآيَةِ قَبْلُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ حَالَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست