responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 601
فِي ذِكْرِ هَذَا الِاسْمِ الْعَظِيمِ مِنَ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ، وَلِزَوَالِ قَلَقِ تَكْرَارِ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ، إِذْ كَانَ يَكُونُ: فَضَّلْنَا، وَكَلَّمْنَا، وَرَفَعْنَا، وَآتَيْنَا.
وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَوْ إِبْرَاهِيمُ، أَوْ إِدْرِيسُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، قَالُوا: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ. قَالَ ابن عطية: ويحتمل اللَّفْظُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ عَظُمَتْ آيَاتُهُ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ تَأْكِيدًا لِلْأَوَّلِ. انْتَهَى. وَيَعْنِي أَنَّهُ تَوْكِيدٌ لِقَوْلِهِ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ أَيْ وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَكَانَ بَعْدَ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْفَضْلِ أَفْضَلَ مِنْهُمْ بِدَرَجَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُفَضَّلُ عَلَيْهِمْ، حَيْثُ أُوتِيَ مَا لَمْ يُؤْتَهُ أَحَدٌ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَكَاثِرَةِ الْمُرْتَقِيَةِ إِلَى أَلْفِ آيَةٍ وَأَكْثَرَ، وَلَوْ لَمْ يُؤْتَ إِلَّا الْقُرْآنَ وَحْدَهُ لَكَفَى بِهِ فَضْلًا مُنِيفًا عَلَى سَائِرِ مَا أُوتِيَ الْأَنْبِيَاءُ، لِأَنَّهُ الْمُعْجِزَةُ الْبَاقِيَةُ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ دُونَ سَائِرِ الْمُعْجِزَاتِ.
وَفِي هَذَا الْإِبْهَامِ مِنْ تَفْخِيمِ فَضْلِهِ، وَإِعْلَاءِ قَدْرِهِ مَا لَا يَخْفَى، لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ الْعِلْمُ الَّذِي لَا يَشْتَبِهُ، وَالْمُتَمَيِّزُ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟
فَيَقُولُ: أَحَدُكُمْ، أَوْ بَعْضُكُمْ! يُرِيدُ بِهِ الَّذِي تَعَوْرَفَ وَاشْتَهَرَ بِنَحْوِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ، فَيَكُونُ، أَفْخَمَ مِنَ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَأَنْوَهَ بِصَاحِبِهِ.
وَسُئِلَ الْحُطَيْئَةُ عَنْ أَشْعَرِ النَّاسِ، فَذَكَرَ، زُهَيْرًا وَالنَّابِغَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شِئْتُ لَذَكَرْتُ الثَّالِثَ. أَرَادَ نَفْسَهُ، وَلَوْ قَالَ: وَلَوْ شِئْتُ لَذَكَرْتُ نَفْسِي، لَمْ يُفَخِّمْ أَمْرَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا وَغَيْرَهُمَا مِنْ أُولَى الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. انْتَهَى كَلَامُ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لِأَنَّهُ بُعِثَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيَ الْخَمْسَ الَّتِي لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ، وَهُوَ أَعْظَمُ النَّاسِ أُمَّةً، وَخُتِمَ بِهِ بَابُ النُّبُوَّاتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخَلْقِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ، وَبَاهِرِ آيَاتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ أُوتِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ آلَافِ مُعْجِزَةٍ وَخِصِّيصَةٍ، وَمَا أُوتِيَ نَبِيٌّ مُعْجِزَةً إِلَّا أُوتِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مَثْلَهَا وَزَادَ عَلَيْهِمْ بِآيَاتٍ.
وَانْتِصَابُ: دَرَجَاتٍ، قِيلَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ الدَّرَجَةَ بِمَعْنَى الرِّفْعَةِ، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَوْ عَلَى الْحَالِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: ذَوِي دَرَجَاتٍ، أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِرَفَعَ عَلَى طَرِيقِ التَّضْمِينِ لِمَعْنَى: بَلَغَ، أَوْ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ، فَوَصَلَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 601
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست